فداء عيتاني
«إنّ انتهاء المعارك في نهر البارد لا يعني أنّ الحرب على الإرهاب قد انتهت، لأنّها عملياً مستمرة تقتضي ديمومة الجهوزية واليقظة والحذر والتصدي لأي أعمال إرهابية مستقبلية». هكذا صرّح مدير العمليّات العميد الركن فرنسوا الحاج في الرابع من أيلول الفائت.
في معارك نهر البارد، كان ثمة من يردد بأن قائد الجيش اللبناني يقدم أوراق اعتماده للغرب، تمهيداً للوصول إلى كرسي رئاسة الجمهورية، مشيرين إلى أن الجيش سيغيّر عقيدته، وهو مطلب «أكثريّ»، ما يحوّل الجيش إلى عنصر في منظومة الجيوش الغربية والإقليمية التي تعمل تحت هدف واحد هو «الحرب على الإرهاب».
هذا الرهان السياسي أثار حينها استياء قيادة الجيش اللبناني التي لم تجد إجابات تواجه بها أسئلة الميدان العسكري والسياسة المحلية في الآن نفسه، واندفعت في وصف المعترضين بالمشبوهين، غاضّة النظر عن المتحدّثين حول تغيير عقيدة الجيش.
انتهت الحرب، واضطرت قيادة الجيش إلى إصدار بيان يطالب بسحب اسم قائد الجيش من التداول في بازار الترشيحات الرئاسية. دخل بعدها الكل إلى السياسة المحلية في عملية التجاذب، ومعهم قائد الجيش، وصار البحث في اسم المرشح لتولي قيادة الجيش، حتى قبل أن يتم انتخاب رئيس للبلاد. وتراجعت حظوظ الحرب على الإرهاب إلى أسفل قائمة الأهداف. وأعاد ميشال سليمان طرح مواجهة الخروق الإسرائيلية إلى رأس اللائحة أمس الأول، خلال زيارته إلى المواقع الجنوبية، ناسياً خلفه الثأر الذي تكنّه له قوى جهادية. وبقي في خلفية المشهد أيضاً ما أعلنه الحاج نفسه من معلومات.
ففي الرابع من أيلول الماضي، كان الحاج يجلس على منصّة المؤتمر الصحافي المنعقد في اليرزة، وكانت نهاية المعارك في البارد قد أفضت إلى نتيجتها الملتبسة، التي كان أوضح ما فيها هو دمار المخيم.
وخلال المؤتمر الصحافي العسكري، تولى الحاج تلخيص العمليات الحربية التي جرت في المخيم، ثم انطلق منها ليقول إنّ أحداثاً أمنية رافقت المعارك الدائرة في الشمال، «هدفت إلى إشغال الجيش بمهمات أخرى وتمثلت بالعديد من التفجيرات منها: انفجار عبوة قرب محلات «ا. ب. ث» في الأشرفية. انفجار عبوة تحت سيارة في فردان. انفجار عبوة في مدينة عاليه. (...) انفجار عبوة ناسفة خلف كنيسة مار تقلا في الضبية. (...) انفجار عبوة في زوق مكايل في معمل نتج منه حريق هائل. (...) إطلاق النار على الشيخ محمد الحاج عضو تجمع علماء فلسطين داخل المخيم (نهر البارد). (...) انفجار عبوة في محلة المنارة أدت إلى استشهاد النائب وليد عيدو ونجله وأربعة مدنيين. إطلاق صواريخ من الجنوب إلى الأراضي الفلسطينية. (...) انفجار عبوة ناسفة بدورية على طريق نبع الدردارة ـــــ الخيام (العملية التي أودت بحياة عدد من الجنود الإسبان في قوات الطوارئ الدولية)».
وعلى الرغم من الربط الواضح الذي طرحه الحاج في المؤتمر الصحافي المذكور ما بين عمليات الاغتيال والمعركة في البارد، إلا أن احتمالات الاغتيال في لبنان لا تقف عند عامل واحد، وخاصة مع ترك التوتر السياسي بوابة الاضطرابات الأمنية مفتوحة على مصراعيها.