فداء عيتاني
خرج اللقاء الوطني من اجتماعه أمس ببيان لا يثير لدى قارئه الكثير، فهو يكرر أو يشدد على خلاصات المواقف الثابتة لدى المعارضة على نحو خاص، إلا أن ما سبق الاجتماع وما جرى خلاله هما ما يمكن أن يشكلا طموحاً للعديد من اللبنانيين.
قبل اللقاء، كان ثمة من يقترح إصدار موقف عن اللقاء لبحث مصادرة بعض المعارضة لمواقف الكل، والبعض الذي قام بالمصادرة هو ميشال عون، وضمناً سيسرّ لك هذا الطرف أو ذاك بأن حزب الله ليس بعيداً عن عملية المصادرة، وكان أن رفع «سنّة اللقاء الوطني» الأمر إلى الاجتماع الموسع، وخلاله تبدلت المواقف وتعدلت خريطة العمل، فالكل توافق على أن اللقاء الوطني هو قبل التسوية السياسية المحتملة وخلالها وبعدها «لقاء وطني»، ويجب أن يضم كل التنويعات والطوائف، وأعضاؤه هم من الفاعلين في الحياة السياسية ولهم حيثياتهم الخاصة، وللقاء ما له وعليه ما عليه في المعارضة، وهو يتجه إلى التعامل مع سائر أطراف المعارضة بندية، محتفظاً بهامشه الخاص.
واستعاد اللقاء في اجتماعه تحليله السياسي بعيد المدى، حيث يعتبر أن ما يحصل حالياً في لبنان مجرد معركة آنية، إلا أن لعبة المذاهب والطوائف لا يمكنها أن تستمر، كما لا يمكن اللقاء الذي يعتبر أن المشروع الأميركي يحاول تقسيم البلاد على أسس مذهبية، أن يدخل في النزاعات المذهبية، وهو في كل الأحوال لا يراها أكثر من «مرحلة مخجلة» في التاريخ اللبناني، و«لن يذهب بنفسه إلى ممارسة العيب، حتى لو كان الجميع غارقاً فيه».
ويرفض اللقاء بكل مكوناته الانجراف إلى الموقع المذهبي، أياً كان هذا الموقع، وأن على الأطراف السنّية معالجة مسألة الندّية مع المعارضة من ضمن اللقاء والدفاع عن موقعها من خلاله. وحث العديد من عناصر اللقاء على الاتفاق حول تشجيع كل اتجاه غير طائفي في المعارضة، معتبراً أن الشارع اللبناني سئم المذهبية التي يعرف الجميع أين أوصلت البلاد، وأن المستقبل سيكون لقوى غير مذهبية.
ويتراجع الاستياء الذي عاشته قوى سنية في اللقاء الوطني إلى خلفية المشهد، بينما تتجه قوى سنية أخرى في اللقاء نفسه إلى البدء بإعداد ورقة تفاهم مع التيار الوطني الحر، الذي أثار قائده حفيظة العديد من قوى المعارضة، في الأيام الماضية، ويحل مكان الاستياء سعي لدى قادة اللقاء لاجتماعات دورية، هي أكثر من جدية بحسب أكثر من مسؤول في اللقاء، وهذه الاجتماعات ستضع اللقاء على خطه بصفته مستقلاً عن القوى المحلية والإقليمية، ومهمته المراقبة ولعب دور الطرف الشريك في الصراع، دون الغرق في أوحال الطائفية، وهو في الحد الأدنى ما ترغب فيه مراجع في اللقاء الوطني وما صرحت به عقب اجتماعها الأخير.