strong>كمال شعيتو
تشهد سرقة الأسلاك الكهربائية التابعة لمؤسسة كهرباء لبنان نمواً مطّرداً، واللافت أنها تطال مختلف المناطق. وفيما شكاوى المواطنين تزداد، تبدو المؤسسة كأن لا حَولَ لها، في وقت ينتظر فيه الجميع حلاً جدياً من جانب القوى الأمنية

غدا «اختفاء» الأسلاك الكهربائية من على الأعمدة التابعة لمؤسسة كهرباء لبنان في القرى، مشكلة تحتاج إلى حل فعلي ووقوف الأجهزة الأمنية أمام مسؤولياتها في تعزيز إجراءاتها لضبط هذه الظاهرة. فمع ما يبدو أنه بدافع ارتفاع أسعار النحاس إلى 6 دولارات للكيلو الواحد، لجأ مجهولون إلى سرقة الأسلاك من على الأعمدة الممتدة على طول شوارع البلدات المختلفة، الأمر الذي يؤدي إلى خسارة شبه يومية للمؤسسة تقدّر بمئات الملايين، عدا عن الضرر اللاحق بالمواطنين جراء انقطاع الكهرباء.

آلاف الأمتار «تختفي»
فأول من أمس، وأثناء انقطاع التيار الكهربائي مساءً، أقدم مجهولون على سرقة 250 متراً من الأسلاك في قرية عين جدرين ــــــ جبيل. وخلال الأيام العشرة الأولى من الشهر الجاري، أدت السرقات إلى فقدان 4600 متر من الأسلاك المثبتة على الشبكة العامة. فكان للأعمدة الممتدة بين بلدتي البابلية وأنصار الجنوبيتين وحدها نصيب بفقدان 1800 متر قدّرت قيمتها بأكثر من 15 مليون ليرة لبنانية. أمّا من بلدة كفرحبو ــــــ الضنية، فنقل مندوب «الأخبار» عبد الكافي الصمد أن آخر الاعتداءات على الأسلاك الكهربائية فيها كان يوم 5-12-2007، حيث قُطع ما يقارب 1100 متر من أسلاك الشبكة المتوسطة الواقعة على الطريق العام، تحت جنح الظلام.
وسبقت ذلك، في الآونة الأخيرة تعدّيات مشابهة في بلدات بخعون وبطرماز وطاران وبقاع صفرين، إضافة إلى ما طال خطوط التوتّر العالي مطلع العام الجاري في خراج بلدات عاصون وبيت جيدة والسّفيرة، مع العلم أن بعض المعتدّين يقطعون التيّار قبل «الإجهاز» على الأسلاك.

سحب الأسلاك من داخل الجدران

أمّا في الفترة الممتدة من بداية تشرين الأول إلى النصف الأول من تشرين الثاني المنصرمين، فبلغت كمية الأسلاك المسروقة عن الشبكة العامة، التي تمكّنت «الأخبار» من رصدها، ما يقارب 8500 متر طولاً. ونورد بعضاً من هذه السرقات:
ادعى عثمان سعد، أحد موظفي شركة كهرباء لبنان، أمام مخفر برجا، أن مجهولاً سرق أسلاكاً كهربائية بطول 500 متر من محلة البرجين ــــــ عين الجوز. وفي خراج بلدة تلحياة ــــــ عكار سرق مجهولون أسلاكاً مثبتة على الشبكة العامة بطول حوالى 200 متر. وفي ددة ــــــ الكورة سرقت الأسلاك المثبتة على أعمدة الشبكة العامة بطول 1200 متر من داخل مشروع الحريري. كما تعرضت 100 متر من الأسلاك للسرقة في محلة القرمة ــــــ دير الأحمر، قدرت قيمتها بحوالى مليونين ونصف مليون ليرة. وفي الضنية، لم يكتف «الزائرون المجهولون» بالأسلاك العامة، فسرقوا تلك الممدّدة داخل جدران مسجد الخير وهو قيد الإنشاء. أمّا «زوّار» بلدة نحلة الشيخ زناد ـــــ عكار، فتميزوا عن غيرهم من المجهولين بسرقة 160 متراً من أسلاك الهاتف التابعة لـ«أوجيرو».

... ومن المستودعات

«قراصنة الكهرباء» نشطوا أيضاً في مناطق عدة في الجنوب، ولم تسلم مستودعات مؤسسات الكهرباء من السطو، فكان عبد الوهاب ع.، أمين مخزن دائرة صور في مؤسسة الكهرباء، قد ادعى ضد مجهول بجرم سرقة كمية من الأسلاك النحاسية من مختلف القياسات من داخل مخزن الشركة في صور. وفي التاريخ نفسه سُرق 450 متراً من الأسلاك الممددة على الشبكة العامة في الغازية. أما بلدة القصيبة، فكان نصيبها 150 متراً، في حين أن طريق تبنين ــــــ عيتا الجبل طالتها سرقة 120 متراً. وبينما سلمت أسلاك طريق عام المنصوري ــــــ بيوت السياد، انقطعت الكهرباء عن منازل المواطنين، لأن سارقي النحاس قطعوا الأسلاك من دون تمكنهم من سرقتها.
من جهة أخرى، وخلال ثلاثة عشر يوماً في شهر تشرين الثاني، سرق ما يقارب 4500 متر من الأسلاك الكهربائية من المناطق الجبلية والشمالية. فكان الشرطي البلدي هـ. ق. في بلدية بعاصير قد ادعى أمام مخفر برجا أن مجهولين سرقوا الأسلاك الكهربائية عن أعمدة إنارة الشوارع العامة في حارة بعاصير بطول 100 متر مع «لمبتي» إنارة. وفي عين الجديدة، محلة راس الجبل، اختفت أسلاك بطول 480 متراً قدّرت قيمتها بأربعة ملايين ليرة. الأمر الذي تكرر بين بلدتي صوفر وقبيع، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن القبيع.

مشتبه فيهم وتدخلات سياسية
ويبدو أن الجهود المبذولة للحد من هذه الآفة لا تزال خجولة، أو أنها تعاني الصعوبات، مما يجعل مستوى نسبة عمليات السرقة تفوق نسبة توقيف المشتبه فيهم. وقد أفاد مصدر أمني «الأخبار» أن بعض المشتبه بهم الذين جرى توقيفهم في منطقة الضنية أثبتت التحقيقات الأولية تورّطهم بشكل أو بآخر في هذه التعدّيات، إلا أنّ اتصالات وضغوطاً مارستها جهات سياسية معينة أدّت إلى إطلاقهم، مع الاكتفاء بأخذ تعهّدٍ منهم بعدم العودة إلى التعدّي على الشّبكة من جديد.
من ناحيتهم، كان أهالي بلدة ميفدون قد أوقفوا محمد م. في خراج بلدتهم بعدما قطع ما يقارب 500 متر من الأسلاك الكهربائية بغية سرقتها. لكنه لدى مشاهدة الأهالي له ولّى هارباً، تاركاً الأسلاك ودراجته النارية في المكان. ولاحقاً جرى توقيف كل من محمد وشقيقه للاشتباه بهما. أما في جديدة القيطع ــــــ حلبا، فأقدم أشخاص على سرقة كابل كهربائي خاص بمسافة 100 متر تقريباً، وكوابل أخرى بمسافة 200 متر عن الشبكة العامة. ويومها أشار القضاء بتوقيف محمد ص. للاشتباه بسرقته الأسلاك، إذ عُثر على محفظته وبداخلها أوراقه الشخصية في مكان حصول السرقة.