149; سجال غير مباشر بين قريطم وعين التينة وقاسم يطالب بالسلة المتكاملة
بالتزامن مع برودة الجو، اشتدت العاصفة السياسية مهددة بإعادة الأوضاع إلى ما تحت الصفر، في غياب أي كاسحة تذيب الثلوج عن طريق جلسة الاثنين، ووسط مخاوف من سدّ أفق الحل نتيجة جمود المواقف وانهيار الاتفاقات السابقة

لا يبدو أن تغيير المفاوضين أو تعديل العناوين، قادر على اجتراح معجزة الحل، أو على الأقل بدء الحلحلة، بل أظهرت المواقف أمس أن البلد مقبل على مرحلة تقطيع وقت بسجالات تتجدد مع كل حركة أو كلمة، كان عنوان آخرها تفويض المعارضة إلى النائب ميشال عون التفاوض باسمها، مع استمرار الهجوم الأكثري على الرئيس نبيه بري.

مكاري: بري فقد أهليّته مفاوضاًلكنه اتهم المعارضة بأن هدفها الوحيد «منع وصول العماد ميشال سليمان إلى سدة الرئاسة»، وأن ورقتها للتفاوض «مستورة وسرية»، مستندا إلى «ما ينقله السفراء وتسرّبه وسائل الإعلام عن هذه الورقة»، ليحكم بأنها «محاولة إجهاض للرئاسة قبل بدئها، ومحاولة نزع كل الصلاحيات عن الرئيس المسيحي قبل انتخابه». ودافع عن حصة «فخامة الرئيس المسيحي» في الحكومة المقبلة، و«حق الرئيس المسيحي، عرفاً وممارسة، في اختيار قائد الجيش».
وشنّ هجوماً عنيفاً على بري، قائلاً إنه وضع «شروطاً تعجيزية» بـ«معادلة: إما تعديل وانتخاب غير دستوريين، وإما لا تعديل، وبالتالي لا انتخاب»، واصفاً ذلك بأنه «هرطقة دستورية»، و«عندما انكشفت» لجأ بري «إلى ضرب استقرار التفاوض نفسه».
وختم: «قد تكون الفائدة الوحيدة من نزع العماد عون شرعية تمثيل 8 آذار عن الرئيس بري هي الإعلان الصريح عمّا يعرفه جميع اللبنانيين: أن بري فقد أهليّته كمفاوض بعدما فقد أهليّته كرئيس للمجلس النيابي».

«بيان للوارث على لسان فاقد الأهلية»

وردّ النائب علي حسن خليل، على مكاري مباشرة، والنائب سعد الحريري ضمناً، فرأى أن مصدر بيانه قريطم «تنفيذاً لأوامر السيد الزعيم»، و«شيخك الحاضر». وقال: «بعكس ما حاوله الوارث في بيانه المنسوخ على لسان الفاقد للأهلية، فإن تجربة الرئيس بري وممارسته في المجلس وخارجه، التي كانت أمان اللبنانيين في زمن ارتجال السياسات، والتراجع عن الاتفاقات، ورمي الكرة لدى الآخرين، وتشويه الحقائق لتغطية الخلفيات التي تطرح بشأنها عشرات الأسئلة والاستفهامات، هذه التجربة لدى الرئيس كانت وما زالت ملك اللبنانيين ومحط آمالهم في إدارة الحلول للأزمات وإيجاد المخارج التي يقفل أبوابها هواة السياسة الجدد ومحترفو تلقّي التعليمات وفنون المخابرات».
وأضاف أن بري، «قبل الاستفاقة الأخيرة للزعيم والحاشية»، أول من طرح ترشيح سليمان، وأن هذا الطرح قوبل بالرفض «ليأتي هذا الكلام اليوم خلطاً للحقائق وتعتيماً على ثابتة لن نتراجع عنها، وهي خيار الالتزام بهذا الترشيح الذي نرى فيه ضمانة واستقراراً للبنان واللبنانيين».
واتهم مكاري بـ«التشويه الفاضح للحقائق»، و«الاستخدام المجتزأ، للتغطية على الهروب من الالتزام لدى المفوّض المفترض». وقال إن بري «كان واضحاً في حرصه على الالتزام بالدستور وبحقوق المكوّنات السياسية والطائفية في اختيار رئيس الحكومة وتشكيلتها وتوزيع الحقائب». وذكر أن المفاوض باسم الموالاة «التزم» بـ«تصحيح الخلل القائم، والوفاء بالعهد والوعد الذي أطلقته كل الأصوات التي ذكرت من القادة السياسيين في 14 آذار بشأن حكومة الوحدة الوطنية التي توافقنا، كما كنا نعتقد، على أن تكون وفق نسب الكتل النيابية وأحجامها، فإذا بنا أمام مشهد تكرار التهرب من الالتزامات والتوافق».
وخاطب مكاري بأن مصطلحات «التهرب من صياغة التفاهم الحقيقي بين الموالاة والمعارضة (...) لن تخفي حقيقة واحدة، أننا أردنا التعامل مع زعيم للأكثرية فإذا بنا أمام من يريد أن يعيد نفسه إلى حجم أمثالك».
وردّاً على الرد، وصف النائب مصطفى هاشم، خليل بأنه «أحد ألسنة الرئيس بري الذي يتحرك من أذنيه، ولم يوضح لنا النائب المذكور لماذا عزل الرئيس بري ونزعت عنه صفة المفاوض».

قاسم: التوافق سلة متكاملة وضمانات

من جهته، طالب نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الموالاة بانتداب من تراه مناسباً للجلوس مع عون وبدء النقاش «لندخل إلى الحل»، مع عدم ممانعته إدخال «وسطاء يساعدون في تقريب وجهات النظر». وخاطبها: «التوافق سلة متكاملة تتضمّن رئاسة الجمهورية انتخاباً، ومجموعة نقاط نريد أن نتفق عليها، قبل إجراء الانتخاب، وهي نقاط محددة وليست مفتوحة، ومدوّنة على ورقة موجودة في جيب العماد ميشال عون. اذهبوا وناقشوا معه، ويمكن أن نصل خلال 24 ساعة إلى حل متكامل إذا كانت هناك جدية. أمَّا إذا رفضتم أصل النقاش وبقيتم مصرّين على أنكم لا تقبلون بأي سلة متكاملة، فهذا يعني أنكم لا تريدون الحل، لأنه لا انتخاب لرئاسة الجمهورية بمعزل عن السلة المتكاملة».
ورأى أن أزمة الثقة «كبرت»، قائلاً: «نحن لا نثق بأننا إذا انتخبنا الرئيس كما يريدون سيلتزمون حكومة الوحدة الوطنية». وأضاف: «نحن في حاجة إلى من يطمئننا بعد هذه التجربة المريرة من بعد العدوان الإسرائيلي إلى أن الحلول حلول موضوعية وقابلة للتنفيذ»، مطالباً بضمانات لما يُتفق عليه «قد تكون مثلاً إعلاناً رسمياً أمام الناس برعاية فرنسية أو ما شابه (...) عندها نبدأ الحل مباشرة، يُنتخب رئيس الجمهورية وتكرّ السبحة في الاتفاقات التفصيلية». وإذ وضع المسؤولية عند قيادات الطرف الآخر، توجّه إليها بالقول: «نحن لا نريد استئثاركم ولا نقبل أن نستأثر. لا نريد إلزامكم بخسائر لا تتحمّلونها، لكن لن نقبل بأن تسبّبوا لنا خسائر إضافية تؤدي إلى خسائر للوطن».
وتعليقاً على حديث الموالاة عن عدم تبليغها رسمياً بتفويض عون، قال النائب إبراهيم كنعان: «هل نحن في معرض دعاوى قضائية، أم نعمل في السياسة»، مضيفاً: «عندما يتحدث العماد عون عن تفويضه من جانب المعارضة ويؤكد الرئيس بري والمعارضة هذا الأمر، فماذا يريدون أكثر؟».
وفيما هاجم النائب مصطفى علوش ما سمّاه «الثنائيات الأمنية في لبنان»، ورأى في تفويض عون «عقدة جديدة»، قال جعجع إن هذا التفويض يعني «أنهم لا يريدون مفاوضات ولا كلاماً ولا انتخابات». وتوجه إلى «أصدقاء لبنان العرب وفي الغرب»: «إننا بأمسّ الحاجة لهم لأن آلة القتل عادت لتتحرك من جديد».
ومن باريس، قال الوزير مروان حمادة إذا تبيّن «أن التعطيل المتعمّد مستمر لمنع جلسة الاثنين بحجج واهية، فسيكون هناك موقف علني من هذه العملية، ربما فرنسي وأيضاً عالمي». وأضاف: «سيفاجأ الذين يستمرون في التعطيل، أكانوا داخل لبنان أم خارجه، بأن ردود الفعل الدولية قد تكون بمستوى ربيع 2005 يوم طُرد الجيش السوري من لبنان».
وفي رسالة تعزية بالعميد فرنسوا الحاج، إلى البطريرك الماروني نصر الله صفير، تمنى البابا بنديكتوس السادس عشر للبنانيين «القوة الداخلية والشجاعة لإيجاد طريق الوحدة والمصالحة بعيداً عن المصالح الخاصة، لكي يتمكن البلد من المضي قدماً في السلام والاستقرار ويكون للجميع رسالة أخوة وتعايش».

بقرادوني استقال والجميّل يهاجم المعارضة

وفي افتتاح المؤتمر العام الاستثنائي لحزب الكتائب، الذي شهد الاستقالة المتوقعة لرئيس الحزب كريم بقرادوني، هاجم الرئيس أمين الجميّل المعارضة، عازياً «كل المشاكل» إلى «إصرارها على تعليق الدستور والعمل بدستور التوافق حيث يحلو لها وبدستور العدد حيث يناسبها». ورأى أن البحث عن آليات دستورية في شأن الوفاق، هدر للوقت «في غياب إرادة الوفاق، وإصرار المعارضة على التفتيش عن تحقيق أهدافها أو طموحاتها على حساب النظام والدستور والتقاليد، وعلى السير في مشروعها الانقلابي على كل ما يمثل لبنان منذ نشوئه حتى اليوم».
من جهة ثانية، التقى نائب وزير الخارجية اليوناني للشؤون الاغترابية تيودوروس كاسيميس، رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ووزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ، وأكد دعم بلاده «للحلول الدستورية والتوافقية الديموقراطية»، و«للحكومة اللبنانية».