strong>علي محمد
أقامت اللجنة الدولية للصليب الأحمر ورشة تدريبية للصحافيين بهدف تعريفهم بالقانون الدولي الإنساني والمواد التي تحمي الصحافي أثناء عمله في النزاعات المسلحة. كما شرحت القوانين التي تحكم الحروب في العالم

«دوركم أن تساعدونا في نشر القانون الدولي الإنساني». بهذه العبارة افتُتحت ورشة عمل تدريبية للصحافيين الميدانيين عن القانون الدولي الإنساني نظمتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر السبت الفائت في فندق لو ميريديان ـــــ كومودور. وشدد المحاضرون على أن للإعلام دوراً كبيراً في المساعدة على الحد من آثار الحروب والنزاعات المسلحة، ودوراً في ترسيخ مفاهيم القانون الدولي الإنساني لدى الرأي العام.

الصحافي في الميدان: إما معنا أو ضدنا؟

في المقابل، عُرضت خلال الورشة أرقام عن الصحافيين الذين استُهدفوا في الحروب منذ عام 1996 حتى عام 2006. ففي تقرير عن تحقيق عالمي أجراه المعهد الدولي للسلامة الإخبارية عن حماية الصحافيين، ورد أن نحو «ألف صحافي لقوا مصرعهم وهم يحاولون تقديم تقارير الأخبار في أنحاء العالم خلال السنوات العشر الماضية، أي بمعدل شخصين كل أسبوع». كما ورد في التقرير أنه تبين «ازدياد تعريف الصحافيين الذين يغطون الصراعات الدولية بالحكم عليهم بحسب بلادهم أو اعتبارهم إما معنا أو ضدنا».
وبعد التعريف بالحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، وعرض مقدمة عامة في القانون الدولي الإنساني، تحدثت المستشارة الإعلامية في اللجنة الدولية للصليب الأحمر ــــ مكتب بيروت، سمر القاضي عن سلامة الإعلاميين وحمايتهم في القانون الدولي.

القانون يحمي الصحافيين... لكن

بعدها، تحدّثت المسؤولة عن قسم الإعلام والنشر في اللجنة الدولية للصليب الأحمر ماجدة كركي عن المواد القانونية التي تحمي الصحافيين أثناء تغطيتهم للنزاعات المسلحة. فالمادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقات جنيف تنص على أن «الصحافيين الذين يباشرون مهمات خطرة في مناطق النزاعات المسلحة يُعَدون أشخاصاً مدنيين يجب حمايتهم بهذه الصفة بمقتضى أحكام الاتفاقيات، شرط ألا يقوموا بأي عمل يسيء إلى وضعهم بوصفهم أشخاصاً مدنيين». وورد خلال الورشة ذكر إدانة مجلس الأمن الدولي في قراره الرقم 1738 الصادر بتاريخ 23 كانون الأول 2006، «للهجمات المتعمدة على الصحافيين وموظفي وسائط الإعلام في حالات النزاع المسلح». لكن موقف المجتمع الدولي لم يمنع من استهداف ألف صحافي في الميدان، ومنها حالات شاهدها العالم على شاشات التلفزة أثناء حرب العراق، ومنها ما ذكره تقرير المعهد الدولي للسلامة الأخبارية. ففي 7 تشرين الأول 2006 أُصيبت الصحافية الروسية آنا بوليتكوفسكايا برصاصة قتلتها في شقتها في موسكو، وبعدها بستة أيام أصدر قاضٍ بريطاني قراره بأن تيري لويد، مراسل القناة التلفزيونية ITN «قتل على نحو مخالف للقانون عندما أطلق الجنود الأميركيون النار عليه في جنوب العراق عام 2003»،وفي هذا السياق، جاء في التقرير أن حوادث قتل 415 صحافياً ما زالت من دون دعاوى قضائية، وأنه تم التعرف إلى مرتكب الجريمة في 158 حادثة، لكن لم تصدر إلا 27 إدانة لمرتكبي الجرائم ضد الصحافيين.

دور الصحافي: التعبئة بهدف الحماية

وقد شددت القاضي في مداخلتها على «ضرورة لفت الانتباه إلى معاناة الضحايا المدنيين في النزاعات»، وشرحت عوائق عمل الصحافي في أماكن الصراعات. ورأت أن دور الإعلامي يكون بنقل معلومات دقيقة وموضوعية، ونقل آراء وتحاليل مبنية على وقائع ومعلومات ومراعاة الدقة في اختيار المصطلحات للتوصيف (جريمة حرب، جريمة ضد الإنسانية، إبادة جماعية). يضاف إلى ذلك ضرورة تزويد المدنيين بمعلومات قد تنقذ حياتهم، وتذكير العالم بالحروب المنسية.
ورداً على سؤال عن مدى ثقة الشعب اللبناني بالقانون الدولي لكونها أداة ردع ومحاسبة لإسرائيل عن جرائمها منذ عام 1982، وصولاً إلى حرب تموز الأخيرة صيف عام 2006، أجابت كركي بأن «على لبنان أن يتبع القانون الدولي الإنساني كي لا يعطي ذريعة لإسرائيل في التمادي بانتهاكها لاتفاقات جنيف، ولكي يقوّي موقفه أمام المجتمع الدولي، وخصوصاً أن لبنان من إحدى الدول الموقعة على الاتفاقات».

الفرق بين إسرائيل والأراضي المحتلة

خلال الاستفاضة في شرح أسباب وضع اتفاقات جنيف الأربعة والبروتوكولين الإضافيين، وأبرزها العمل على الحد من المعاناة في الحروب والنزاعات المسلحة، ومحاولة وضع حدود للصراعات، دائماً ما استخدم المحاضرون تعبير «إسرائيل والأراضي المحتلة». وبعد طرح السؤال عليهم عن الفرق بين المصطلحين، شرحت إحدى المحاضرات أنه بحسب القانون الدولي، فإن اسرائيل هي الدولة التي أُنشئت عام 1948 بحدود اعترفت بها الأمم المتحدة بعدما أصبحت دولة عضواً فيها، وهي مستوفية لكل شروط الدولة المنصوص عليها في القانون الدولي من أرض وشعب وحكومة وسيادة. أما الأراضي المحتلة فهي المناطق التي احتلتها إسرائيل منذ 1967. أما فلسطين، فليست دولة بمفهوم القانون الدولي، لأنها «غير مستوفية لكامل الشروط».