149; المعارضة متمسكة بالسلّة المتكاملة: المخرج في جيب عون
تترقب الأوساط السياسية نتائج زيارة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية إلى بيروت وسط توجّس المعارضة من مغامرة جديدة للموالاة التي لوّحت بخطة حلول جذرية إذا لم يُنتخب رئيس للجمهورية قبل نهاية الشهر الجاري

أنهى مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ولش أمس زيارته إلى لبنان التي استغرقت 24 ساعة، بلقاء مع قائد الجيش العماد سليمان، بعدما كان قد التقى أول من أمس كلاً من البطريرك الماروني نصر الله صفير، رئيس المجلس النيابي نبيه بري، رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، وزير الدفاع إلياس المر، رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري، رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط ورئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وأجرى اتصالاً بالرئيس أمين الجميّل ووزيرة الشؤون الاجتماعية نايلة معوض.
ونقل ولش إلى من التقاهم موقف واشنطن المطالب بالإسراع بإجراء الانتخابات الرئاسية، معلناً دعم بلاده حكومة الرئيس السنيورة وما تقرره الأكثرية النيابية على صعيد الانتخابات الرئاسية.
وخلال لقائه سليمان، قدّم ولش التعازي باللواء الركن الشهيد فرنسوا الحاج، وشدد على دعم الجيش اللبناني و«أهمية حصول الانتخابات الرئاسية». كما تطرق البحث إلى موضوع التعاون بين الجيشين اللبناني والأميركي.
من جهته، أوضح الرئيس الجميل أنه لمس خلال الاتصال مع ولش «استمرار الدعم للبنان». وأكد رداً على سؤال في ختام المؤتمر العام الاستثنائي لحزب الكتائب أن «الأولوية لدينا لانتخاب الرئيس الجديد، وكل ما يوضع من شروط هو في غير محلّه. ننتخب الرئيس أولاً، وبما يمتلكه من صلاحيات يعالج الأمور الأخرى». وأعلن أن «لا مجال للتفاوض لئلا ندخل في نفق جديد»، مشيراً إلى أن «الدعوة للتفاوض هرطقة. كما أن طلب استقالة الحكومة غير دستوري».
بدوره أعلن المكتب الإعلامي للوزيرة معوض، التي عادت ليل أول من أمس من باريس، أن ولش أكد لها خلال الاتصال «دعم الإدارة الأميركية للأكثرية في لبنان، وضرورة إجراء الاستحقاق الرئاسي في أسرع وقت ومن دون شروط مسبقة». كما أكد لها أن «أي تطور في مسار أنابوليس لا يمكن أن يكون على حساب لبنان، والزمن الذي كان فيه لبنان يدفع ثمن التسويات أصبح من الماضي».
وأضاف البيان أن معوّض طلبت من ولش «العمل مع الشرعية الدولية ومجلس الأمن للوقوف إلى جانب لبنان الذي يواجه استمرار مسلسل الإرهاب المصدّر من الخارج، والذي يطال قياداته المدنية والعسكرية، والذي يواجه سياسات التعطيل، وقد أصبحت واضحة مسؤولية النظام السوري في الوقوف وراءها».
وأوضح البيان أن معوض التقت في باريس الوزير مروان حمادة ومستشار الرئيس الفرنسي دافيد ليفيت، كما استضافهما وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير إلى مائدة عشاء في وزارة الخارجية، وكانت فرصة للتباحث في الوضع اللبناني وأسباب عرقلة الاستحقاق الرئاسي.
وقد لمست معوض، بحسب مكتبها الإعلامي، «أن لدى الجانب الفرنسي تصوراً واضحاً لأسباب العرقلة، كما لمست موقفاً فرنسياً صارماً سيترجم بالتعاون مع الأسرة الدولية في حال استمرار التعطيل ولم يحصل الاستحقاق الرئاسي» اليوم.

استبعاد انعقاد جلسة اليوم

وفيما لم تبرز نتائج مباشرة لزيارة ولش، وخصوصاً على صعيد الجلسة النيابية المقررة اليوم التي توقع الدبلوماسي الأميركي أن تكون «تاريخية»، علماً بأن طرفي الموالاة والمعارضة استبعدا انعقادها لعدم حصول التفاهم السياسي بينهما، لوحّت «قوى 14 آذار» بخطة حلول جذرية من ضمن سقف «التسوية القائمة»، على ما أعلن النائب وائل أبو فاعور.
وأكد أبو فاعور تمسّك هذه القوى «بترشيح العماد سليمان، وهي ستمارس كل الضغوط والإجراءات الممكنة من أجل إنجاز الاستحقاق»، لافتاً إلى «أن خيار النصف زائداً واحداً غير مطروح وغير مرتبط بانتهاء المهلة الدستورية نهاية الشهر». وتوقع أن «يطرأ من الآن وحتى نهاية الشهر الكثير من المعطيات المحلية والإقليمية والدولية التي يمكن أن تؤدي إلى إجراء الانتخابات».
في المقابل، أكد وزير الطاقة والمياه المستقيل محمد فنيش أن ترشيح العماد سليمان إلى رئاسة الجمهورية «أصبح إجماعاً وطنياً»، مشدداً على «أن البلد لا يمكن أن يحكم إلا بالتوافق وعدالة التمثيل ومشاركة الفرقاء كافة»، فيما أوضح
عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسين الحاج حسن، في احتفال تأبيني بذكرى مرور ثلاثة أيام على استشهاد الرقيب الأول خير الله هدوان في حسينية حزّين، أن المعارضة طلبت، بعد موافقتها علىترشيح العماد سليمان كمرشح توافقي، ضمانات بشأن الحكومة وتوزيع الوزارات السيادية ومن سيكون قائد الجيش وقانون الانتخاب، وذلك «حتى لا ينقلب فريق 14 شباط عليها، كما انقلبوا عدة مرات على تأليف حكومة وحدة وطنية». وسأل: «هل جاء أمر العمليات إلى الموالاة خلال زيارة ولش إلى بيروت؟».
بدوره شدّد عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النائب الدكتور كميل الخوري على «أن الرئيس التوافقي ليس فقط في الاسم بل هو من يأتي ضمن سلة متكاملة توافقية مسبقة لتجنب الوصول إلى تهميش الرئيس ودور الرئاسة، كما فعلت الحكومة في عهدها الحالي»، مؤكداً «أن الحل والمخرج السياسيين موجودان في جيب العماد ميشال عون». ورأى أن كلام ولش يتناقض مع المبادرة الفرنسية، مشيراً إلى أن زيارته «لا تبشّر بالخير».
من جهته، حذّر رئيس تيار التوحيد اللبناني الوزير السابق وئام وهاب، بعد استقباله السفير الصيني ليو زيمنغ في حضور أمين سر شبيبة جورج حاوي رافي ماديان، «قوى 14 آذار» من التورط في مغامرة جديدة في موضوع النصف زائداً واحداً بعد زيارة ولش وقال: «ولش لن يتمكن من حمايتكم وحماية منازلكم»، ناصحاً الموالاة «بالتفاوض مع العماد عون بشأن السلّة المتكاملة حتى لا تضطر بعد أشهر أو خلال الربيع إلى المفاوضات مع العماد عون كرئيس للجمهورية».
بدوره أكد السفير الصيني اهتمام بلاده بالأوضاع اللبنانية، وقال: «نحن في حاجة إلى شرق أوسط مستقر، ولبنان جزء مهم في هذا الاستقرار».

سجال عين التينة قريطم مستمر

في هذه الأثناء تواصل التراشق الكلامي بين نواب «كتلة التحرير والتنمية» وتيار «المستقبل»، وإن بدرجة أخف عن اليومين الماضيين. وفي هذا الإطار رأى النائب عبد المجيد صالح أن نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري «تحول إلى مذيع في الأكثرية»، مضيفاً إن «من يريد أن يرشق الناس بالحجارة ينبغي أن لا يكون بيته من زجاح».
وتعليقاً على هذا السجال، رأى الرئيس الدكتور سليم الحص «أن الإسفاف الذي انحدر إليه الخطاب السياسي في السجال البذيء الدائر بين اثنين من أقطاب السياسة في لبنان عبر أتباعهما الأشاوس لا يلقى عند الناس إلا القرف والاشمئزاز». وأسف للقول إن ولش «أوحى في زيارته أنه جاء لدعم فريق ضد فريق على الساحة اللبنانية».
ووسط هذه الأجواء، شدّد البطريرك صفير في عظة الأحد على ضرورة أن «ينصبّ الاهتمام على الشأن اللبناني، لنرى ما وصل إليه الشعب من سوء حال، ونحافظ على الوفاء لمصلحة لبنان، لا على مصلحة سواه من البلدان»، مشيراً إلى أن «هذا يتطلب منا الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، وبعد ذلك يصار إلى تنظيم ما يجب تنظيمه من شؤون».
وخلال استقباله وفد لجنة المصالحة الوطنية في مجلس النواب العراقي برئاسة رئيس اللجنة وثاب شاكر الذي جاء لمعايدته، قال صفير: «الأوضاع في العراق ولبنان أصبحت متشابهة، ولا أدري أيٌّ منا يحسد الآخر، فكلانا في المصيبة واحد». والتقى صفير ممثل منظمة التحرير الفلسطينية عباس زكي، الذي أكد أن التوطين في لبنان غير وارد على الإطلاق».

إيران تشدد على الحل اللبناني

في غضون ذلك، شددت وزارة الخارجية الإيرانية على أن حل الأزمة اللبنانية يجب أن يكون لبنانياً، لأن التدخلات الأجنبية تعقّد المشكلة. ونقلت «وكالة الأنباء الإيرانية» الرسمية (إرنا) عن الناطق باسم وزارة الخارجية محمد علي حسيني، رداً على سؤال يتعلق باتهام جعجع إيران وسوريا بالتدخل في شؤون لبنان، قوله: «إننا ندعم الاتفاق والوفاق الوطني بين التيارات والشخصيات اللبنانية»، مشيراً إلى أن «ما قامت به إيران في المجال الدبلوماسي يُعدّ خطوة لتقريب وجهات نظر القادة السياسيين».
ووصف حسيني التقارير التي تحدثت عن تغييرات في قيادة «حزب الله» بأنها شائعات تهدف إلى «إضعاف المقاومة اللبنانية أمام الكيان الصهيوني».