رميش ــ داني الأمين
في قلب جبل عامل، ومن بين القرى الأمامية المواجهة للمحتل، وعلى طريق وعرة يسلك الآلاف من الأهالي، هذه الأيام، مقصدهم الى جامعة الكسليك، فرع رميش، للتعزية بالشهيد الحاج. بسبب عدم اتّساع منزل ذوي الشهيد وكنيسة البلدة لحشود المعزين.
لم تأت شهرة رميش ممّا أصابها من ألم باستشهاد «قائدها» اللواء الشهيد فرنسوا الحاج، وخاصة بالنسبة إلى أهالي القرى والبلدات الجنوبية، وإن كان ذلك الألم الذي أصابها قد عزّز التواصل وأكد وجوده.
أبناء بلدة رميش، اعتادوا هذا النوع من التواصل في الأفراح والأحزان، رغم أن الاحتلال علّق جزءاً منه مع القرى المحرّرة. عشق الأرض والتمسك بها يأتيان من تعوّد أهالي رميش بغالبيتهم زراعة التبغ، فقلّما تجد أسرة في البلدة لا تمارس هذا النوع من الزراعة، وقلّما تجد أسرة من هذه البلدة انقطعت نهائياً عن زيارتها، ولو هاجر جميع أفرادها الى بلاد الله الواسعة. أكثر ما أخاف أهل رميش هو ما أصابهم وقت الحرب، واضطر الكثير منهم إلى ترك البلدة قسراً بسبب قلة المؤونة وكثرة النازحين المستضافين الى بيوتهم، خوفهم الأساسي كان من عدم قدرتهم على العودة الى البلدة.
يتميز أهالي رميش بتواصلهم المميز مع أبناء القرى المجاورة، وما أثبت ذلك هو حرب تموز الأخيرة، عندما قصد البلدة لاجئاً أكثر من سبعة آلاف نازح.
وتقول ابنة رميش، جارة الشهيد الحاج، زمرتا حنّا إبراهيم (70 عاماً) وهي تحمل الورود بانتظار نعش الشهيد «منزلي حضن عشرات الأشخاص من أبناء عيتا، هؤلاء جميعاً قدموا ليردوا الجميل، الشهيد هو من هذه البيئة الطيبة التي تحب الجميع وتحتضنهم دون أي حسابات طائفية، إنها شتلة التبغ التي صنعت هذا القائد ولذلك قتلوه».
أغلب أهالي رميش والقرى المجاورة أعلنون أن الشهيد كان حلمهم وأملهم في الوصول الى مركز قائد الجيش، في وقت حرمت فيه المنطقة كلها منذ قيام لبنان وصول أحد أبنائها الى هذا المنصب، وخصوصاً بلدة رميش التي يقول رئيس بلديتها، إن «الشهيد كان أول رجل من أبنائها يصل الى ما وصل اليه، فكان حلمنا وأملنا».
مشهد البلدة المحرومة واضح لمن يزورها، طرقات لم تعبّد منذ أكثر من 35 عاماً كما يؤكد على ذلك رئيس البلدية اسكندر الحاج، «كأننا لسنا من لبنان رغم كل التضحيات التي قدمناها في الحروب والاحتلال، لم يقدّر أحد من المسؤولين جهود هذه البلدة». ويؤكد «أن رميش لم يزرها أحد من المسؤولين بعد حرب تموز، ولم تقدّم إليها المساعدات العينينة والمالية إلا الضئيل جداً الذي نخجل أن نذكره».
«قتلوه ربما لأنهم لا يريدون قائداً من هذه المنطقة النائية الصامدة». يقول أحد أبناء حولا أثناء زيارته رميش للتعزية بالفقيد. «لا يريدون قائداً متواضعاً شامخاً كان في بداية حياته يعتاش من زراعة شتلة التبغ».
وأثناء تقديم واجب التعزية على رأس وفد من حركة أمل نوّه عضو «كتلة التحرير والتنمية» النائب علي خريس «بعطاءات الشهيد الجهادية وبوقوفه بوجه العدو الإسرائيلي المعتدي على أرضنا وبوجه الطغمة الإرهابية التي كانت تريد النيل من وطننا».
كما تواصلت الوفود المعزية بالشهيد الحاج، فقدّم النائب أيوب حميد التعازي على رأس وفد شعبي من قضاء بنت جبيل، ووفد من مشايخ الدروز في عين قنيا والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، سفير اليمن في لبنان، السفير السابق ناصر الخليل، رئيس بلدية صيدا الدكتور عبد الرحمن البزري على رأس وفد من المدينة، قائد القطاع الغربي في قوات اليونيفيل الكولونيل الإيطالي باولو رودجيرو على رأس وفد من ضباط الوحدات العاملة ضمن قوات الطوارئ، المدير العام لحصر التبغ والتنباك ناصيف سقلاوي على رأس وفد من فاعليات صور، الأمين العام للشؤون الخارجية لمجلس النواب بلال شرارة على رأس وفد من الحركة الثقافية والجمعيات وفاعليات مدينة بنت جبيل وعيناثا، وجمعيات نسائية ووفود بلدية واختيارية وتربوية.