راجانا حميّة
ابتكرت الكاتبة الدكتورة نجلاء بشور لعبة تربوية بعنوان«حقوقي» يتعرف من خلالها الطفل «المحروم» إلى حقوقه، و«المترف» إلى انتهاكاتٍ لم يختبرها

ثمّة منسيون على هامش الحياة، يفتّشون عن حقوقٍ يحظون بها، لكن شاءت الصدف أن يُحرموا منها، لأسبابٍ كثيرة، يحتلّ الفقر وعدم الاستقرار المكانة الأولى فيها، لتأتي بعدها الدولة بواجباتها المنقوصة. وثمّة آخرون من أصحاب الحقوق أيضاً ... من الأطفال الذين لا يعرفون بأنّ لهم حقوقاً في الحياة، وجلّ ما يعرفونه حياة أخرى ترميهم في الشوارع، منذ الصغر، يحلمون فيها بأشياء كثيرة لم يختبروها، بلعبةٍ صغيرة خاصّة «غير تلك الكرة التي تجمعهم في الأزقّة بالجملة». وآخرون غيرهم يستغربون الانتهاكات، كأنّها خارجة عن المألوف، وقد لا يصدّقون لأنّهم لم يعيشوها، وقد يتساءلون أيضاً «عنجد بعد في هيك ناس بيعانوا؟».
فبين من يستغرب الانتهاك ومن لم يعش حقوقه وجدت كاتبة قصص الأطفال الدكتورة نجلاء بشّور نفسها تائهة ومعنيّة باثنين لم يسمعا باتّفاقيّة حقوق الطفل أو اتفاقيتي 138 و182 بشأن العمالة والاستغلال الجسدي، التي لم تخرج بعد من إطار الترف في غالبيّة المجتمعات. بشّور، التي يؤرقها حلم طفلٍ يُضرب ويُستغلّ و«يُغتصب» من دون أن يعرف حقوقه، حاولت جاهدة أن تقدم الاتّفاقيات الثلاث بلغةٍ مبسّطة عبر لعبةٍ تربويّة، تعرّف من خلالها «المحروم» بحقوقه، و«المترف» بانتهاكاتٍ لم يختبرها.
«حقوقي»، اللعبة التي أرادتها بشّور للأطفال، لم يمنعها خوفها عليهم من الطلب من الأهل والمعلّمين المشاركة بقوّة فيها، ليتعلّموا هم أيضاً حقوق أطفالهم عليهم وواجباتهم تجاههم. وفي هذا الإطار، تلفت بشّور إلى «أنّ الأطفال ليسوا وحدهم من يجهلون حقوقهم، فهناك أيضاً الأهل الذين لم يقرأوا يوماً اتّفاقيات حقوق الطفل أو حتّى حقوق الإنسان».
وتدعو بشور عبر «حقوقي» الدولة إلى تحمّل مسؤولياتها في تطبيق القوانين وهيئات المجتمع المدني في نشر ثقافة الحقوق.
وفي ما يخصّ اللعبة، اقتبست بشّور ستّة بنود من الاتّفاقيات الثلاث من جهة وموضوع نزع الألغام من جهةٍ أخرى، وضمّتها في أوراق اللعب التي انقسمت إلى ثلاث: حقوق وانتهاك وتطبيق. لكن قبل الدخول في تفاصيل «حقوقي»، لا بدّ من الإشارة إلى البنود الستّة الأساسيّة التي تتناول الرعاية الأسرية والهويّة الثقافية، الرعاية الصحية والإعاقة، التعليم والحصول على المعلومات وملء أوقات الفراغ، العمل والاستغلال الاقتصادي، التمييز والعنف والمعاملة السيئة والاعتداء الجنسي والحرب والنزاعات المسلّحة.
وتتألّف «حقوقي» من لوحة لعب كرتونيّة مرسومة وملوّنة عليها مربّعات «على شكل طريق حياة»، يسلكها اللاعب بواسطة حجر لعب. وتضم كل ورقة من الأوراق الثلاث «حقوق وانتهاك وتطبيق» 40 بطاقة تختلف ألوانها باختلاف موضوعها، على أن تشترك جميعها برسم «ميزان العدالة».
في بطاقات «الحقوق»، حاولت بشّور وضع كلّ ما يمتّ للبنود الأساسيّة من خلال نصٍّ مبسّط سهل للقراءة أقلّه بالنسبة إلى أطفال السنوات التسع. أمّا بطاقات «الانتهاك»، فقد كتبت بشّور على كلٍّ منها «حالة طفلٍ كان قد تعرّض لانتهاك أحد حقوقه الموجودة في بطاقات الحقوق». وفي «التطبيق»، الحالة المنتهكة نفسها، يُضاف إليها التطبيق أو التصحيح للحالة استناداً إلى مادّة حقوق الطفل.
ويُضاف إلى الأوراق الثلاث، أربع بطاقاتٍ تتضمّن مقتطفاتٍ من بنودٍ خارج المحاور الستّة الأولى، وتتعلّق بحريّة التعبير والاستماع واحترام الآخر.

كيف نلعب «حقوقي»؟

يسحب كل لاعب حجر لعب من لون معيّن، ويضعه عند نقطة الانطلاق ويتحرّك بحسب «النرد» باتّجاه نقطة النهاية، وفي طريقه، يتوقّف اللاعب على ثلاثة أنواع من المربّعات على كلٍّ منها إشارة مختلفة، إمّا إشارة انتهاك (x) أو إشارة تطبيق ()، أو إشارة استفهام (؟).
يذكر أنّ الفنّانة ياسمين طعّان رسمت اللوحة، فيما تولّى تنفيذها فنّياً الفنّان توفيق حمزة، كذلك تعاونت في الإنتاج منظّمتا اليونيسف والعمل الدوليّة وجمعيّة المساعدات الشعبيّة النرويجيّة والمجلس الأعلى للطفولة والمؤسّسة الوطنيّة للرعاية الاجتماعية والتأهيل المهني ومؤسّسة عامل وجمعيّة الهدى للرعاية الاجتماعيّة.