البقاع ــ نقولا أبو رجيلي
ازدادت ظاهرة شراء الخردة وجمعها في مختلف أنحاء البقاع بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وتحوّلت هذه الظاهرة (معروفة أيضاً بتجارة السكراب) إلى تجارة جديدة لا تخلو في أحيان كثيرة من مخاطر، إذ تجول مدن المنطقة وقراها يومياً أعداد كبيرة من سيارات الـ«بيك آب» لشراء وجمع الخردة على انواعها، و«اللي عندو حديد للبيع وبطاريات عتيقة ونحاس وألومينيوم للبيع» أصوات يرددها سائقو سيارات البيك آب الصغيرة عبر مكبرات الصوت التي تخترق أجواء القرى والمدن ولمرات عدة يومياً.
غلاء المعادن على أنواعها، حمل كثيرين على امتهان هذه التجارة التي لا يتجاوز رأسمالها المليون ليرة لبنانية من ثمن «بيك آب» قديم الصنع يثبّت على سطحه مكبّر للصوت والتجوال في شوارع البلدات والقرى لكسب الرزق. وما يجمع من معادن وبطاريات سيارات قديمة وحديد قديم وألومينيوم ونحاس وقصدير، يتم بيعه بالكيلو إلى تجار جملة يملكون أماكن لتجميعها ومن ثم فرزها وكبسها بواسطة آلات حديثة وبيعها بالجملة في لبنان أو تصديرها إلى الخارج لإعادة صهرها مجدّداً». ولا تقتصر العملية على الشراء فقط، فهناك طرق أخرى لتأمين الحمولة من خلال جمع المعادن المرمية على جوانب الطرقات أو التفتيش عنها في مكبات النفايات.
أحمد الجمعة (20 عاماً) الذي كان يتجول في إحدى القرى برفقة شقيقه ياسر (15 عاماً) قال لـ«الأخبار» إن «مجموع ما يجنيه يومياً يراوح بين 10 و20 ألف ليرة لبنانية عدا مصاريف المحروقات للسيارة التي تحتاج بعد نهاية جولته إلى كيلوغرام وأكثر من زيت للمحرك، والسبب عدم قدرته على تأهيله أو استبداله بآخر». وشكا أحمد ازدياد عدد المتجولين ما أثّر سلباً على تجارته بعدما كان يجمع سابقاً حوالى الطن يومياً بأرباح تتراوح بين 50 و60 ألف ليرة لبنانية تدنت حالياً إلى النصف تقريباً، مشيراً إلى أن مصدر بضاعته هو الأدوات المنزلية القديمة من غسالات وبرادات وبعض بقايا المحركات والدراجات النارية والهوائية وقطع الحديد التي يهملها أصحاب المنازل، و«نحن نساعد في الحفاظ على بيئة نظيفة لأن هذه البضاعة سترمى في النفايات أو على جوانب الطرقات أو بين المنازل وتتسبب بتلوث الطبيعة».
ولفت إلى أن عمليات الشراء والبيع تتأثر بالعرض والطلب، وكل صنف له ثمنه، فكيلو الحديد نشتريه بما بين 250 و300 ليرة ونبيعه بـ350 ليرة، أما باقي المعادن فيرتفع ثمنها لندرة وجودها، مثل الالومينيوم الذي نشتريه بـ1500 ليرة ونبيعه بأكثر من 2000 ليرة، والأغلى ثمناً هو النحاس الذي يصل سعر الكيلوغرام الواحد منه إلى ثمانية آلاف ليرة بين الشراء والبيع، أما البطاريات فتتراوح اسعارها بين 5 و10 آلاف ليرة حسب حجمها وكمية القصدير التي تحتويها.
ويجمع أصحاب أماكن تجميع الخردة في البقاع الأوسط على أن مصدر بضاعتهم، بالإضافة إلى الباعة المتجولين، هو بعض الدول العربية المجاورة، ويحتل العراق حالياً المركز الأول في تصدير الخردة التي يتم ادخالها عبر المعابر الحدودية بطريقة شرعية، وبعضها يهرّب بواسطة شاحنات عبر الممرات الجبلية بين لبنان وسوريا، وبعد فرز المعادن وكبسها بواسطة آلات خاصة، يتم تصديرها بحراً إلى الدول الأوروبية والآسيوية بأسعار تحدد حسب العرض والطلب. لكن هذه التجارة لا تخلو من مخاطر يتعرض لها أصحاب هذه المهنة، فالعديد منهم أصيب بأضرار جسدية خلال جمعها وفرزها، وآخر تلك الحوادث وفاة أحد الأشخاص وولديه في محلة دير زنون (قضاء زحلة) أثناء محاولتهم نشر برميل بداخله بقايا قذائف انفجرت وأودت بحياتهم.