صور – آمال خليل
يبدو أن أيادي الخير الأميركية التي «يقبّلها» الإعلان الاحتفالي الذي يعرض وينشر في معظم وسائل الإعلام للمساعدات «المليارية» التي قدّمتها الولايات المتحدة للبنانيين إثر عدوان تموز، تشكّك في ذمتها الواسعة إحدى الفئات التي ساعدتها على حدّ زعمها.
وإذ تفتخر وكالة التنمية الأميركية في لبنان بأنها ساعدت 21 ألف صياد وعائلاتهم، أنكر نقيب صيادي الأسماك في صور خليل طه، باسم الصيادين، أن يكونوا قد تسلّموا أي مساعدات أميركية منذ انتهاء العدوان. ويسجّل طه على البند المتعلق بالصيادين في الإعلان ملاحظتين، أُولاهما: أنه «ليس هناك 21 ألف صياد سمك محترف في لبنان بل 8000 كحدّ أقصى، بحسب إحصاءات وزارة الزراعة اللبنانية ومنظمة الفاو، إلّا إذا شمل الإحصاء الأميركي صيادي الصنارة الهواة وصيادي الطيور والحيوانات البرية. والملاحظة الثانية هي أن المساعدات والتعويضات التي قدّمت إلى الصيادين في صور وجوارها كانت من هيئة دعم المقاومة والهيئة العليا للإغاثة».
ولدى مراجعة «الأخبار» للوكالة، أوضح المعنيون أن عدد الـ21 ألف المقصود به مجموع الصيادين وعائلاتهم، أمّا المساعدات، فقدّمتها الوكالة عبر مؤسسة الإسكان التعاوني CHF، التي أكد مديرها في لبنان أيمن عبد الله أن «الوثائق الرسمية تثبت أنه بتاريخ 7 كانون الأول 2006 جرى توزيع حصص غذائية ومواد تنظيف. وفي 14 أيار الفائت وزّعت 196 حصة معدات صيد على أصحاب المراكب في صور، تشمل شباكاً وحبالاً وشرك صيد نايلون، وصنانير بحضور النقيب طه ونائبه سامي رزق ورئيس الجمعية التعاونية لصيادي الأسماك في السكسكية وجوارها علي بدران، الذين وقّعوا والصيادين المستفيدين على تسلّمهم الحصص». علماً بأن الوثائق تحمل توقيع بدران الشخصي وحده من دون طه ورزق، اللذين أكّدا كذلك «عدم حضورهما التسلّم، وأن ختم نقابتهما المطبوع على جداول التسلّم مزوّر».
وفيما لم ينكر كل من النقابة والصيادين تسلّم البعض لهذه المساعدات، اكتشفوا عبر «الأخبار» أن مؤسسة الإسكان التعاوني «وزّعت مساعدات أميركية، فيما أُخبروا في حينها أن المساعدات مقدّمة من السفارة الكندية في لبنان». ورأى النقيب خليل طه أنه «لا يجوز في كل الأحوال أن تصوّر المؤسسة والوكالة الأميركية بأنها ساعدت جميع الصيادين وأوفتهم حقّهم، فيما المساعدات قدّمت إلى 196 من أصحاب المراكب، مع العلم بأن عدد الصيادين في ميناء صور يبلغ حوالى 800».
ويتساءل الصيّادون «لماذا على وكالة التنمية الأميركية أو مؤسسة الإسكان التعاوني أو أي جهة دولية أخرى ألّا تصنع أمجادها على ظهورنا، ما دام حكّامنا لا يقيمون وزناً لوضعنا المعيشي، ويمرّرون باسمنا صفقاتهم وثرواتهم؟ وقتذاك لا عتب على الأجانب. لكن اللوم الحقيقي يقع على الحكومة التي كشفت مواطنيها المتضررين بعد العدوان لمن هبّ ودب فيما تقاعست هي عن القيام بدورها». علماً بأن معدات الصيد المقدّمة لم تكن صالحة للاستعمال، حيث لم يستفد منها الصيادون فعلاً، بل باعوا الحصة كاملة بحوالى 50 دولاراً، فيما عدة الصيد الجيدة تبلغ قيمتها ما لا يقل عن 300 دولار، بحسب تأكيد طه والصيادين.