علي حيدر
تواصل إسرائيل التزام الصمت في مقاربتها للشأن اللبناني. والتسريبات التي قد تشير إلى الموقف الإسرائيلي نادرة، علماً أن الوضع المتأزم في لبنان يبقى في مقدم الاهتمام الإسرائيلي، خاصة أن ما يمكن أن ينتج منه سيؤثر مباشرة عبر الخطر المتمثل بسلاح حزب الله.
بين التطورات التي يشهدها لبنان وتراقبها إسرائيل، ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي وسلّة الاتفاق الأساسي التي تشترطها المعارضة للوصول إلى تسوية. فإسرائيل تنظر إلى أية تسوية في لبنان من مدى مساهمتها، سلباً أو إيجاباً، في تقييد حركة حزب الله، سواء في ما يتعلق بمراكمة قوته، أو بإمكاناته في مواجهة الجيش الإسرائيلي، وصولاً إلى نزع سلاحه مستقبلاً.
ورغم أن المقاربة الإسرائيلية للشأن اللبناني صامتة، بعد الإحراج الذي تسببت به للولايات المتحدة نتيجة تكاثر المواقف الإسرائيلية في عام 2005 والتي استتبعت طلباً أميركياً ملحّاً بالتزام الصمت، تنزلق تل أبيب بين الحين والآخر إلى إشارات حول الوجهة التي تنوي إسرائيل توجيه الواقع اللبناني نحوها، بينها ما نقله أول من أمس تقرير مراسل صحيفة «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، وسحب من موقع الصحيفة على الانترنت بعد ساعات من نشره، والقائل إن التقدير الاستخباري السنوي لإسرائيل (لعام 2008)، يرى أن «الأزمة السياسية في لبنان هي تطور إقليمي إضافي، يشغل سوريا وحزب الله، ويورطهما في الساحة الدولية»، وهو يعني، بحسب ما نقله يشاي عن «محافل استخبارية وتقديرية إسرائيلية»، أنه «سبب من بين الأسباب التي تبعد خطر حرب شاملة في السنة المقبلة» على إسرائيل.
يضاف إلى ما نقله يشاي، المعروف بقربه من المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، تقرير آخر نشر على موقع صحيفة «جيروزاليم بوست» على الانترنت، لمراسل الصحيفة للشؤون العسكرية والأمنية يعقوب كاتس، أشار فيه إلى أن «القلق يتزايد في إسرائيل من إمكان إقدام حزب الله على السيطرة على كرسي الرئاسة الثالثة في لبنان»، مضيفاً أن «ما يقلق إسرائيل هو أن يفقد فريق 14 آذار السيطرة على الحكومة اللبنانية في إطار تسوية من شأنها أن تمنح حزب الله ثلث المقاعد في مجلس الوزراء، مما يعطيه حق نقض قرارات الحكومة المصيرية».
وفي عملية استكمال منطقي لما رشح عن التقديرات الاستخبارية الإسرائيلية، يمكن القول إن الرغبة الإسرائيلية هي أن تبقى الأزمة اللبنانية قائمة من دون حل لإشغال حزب الله، أو أن يعمد الطرف الذي تخشى عليه من فقدان السلطة إلى عدم تمكين حزب الله (والمعارضة عموماً) من تعطيل قرارات الحكومة الأساسية، عبر إعطائه الثلث الضامن. بمعنى آخر، تريد إسرائيل إيجاد توازن داخلي في مواجهة حزب الله بانتظار تطور إقليمي يدفع الأمور في مصلحة إسرائيل، منها إشغاله في مواجهة داخلية تلهيه عن الجنوب، أو حل يمكّن الفريق «الصديق» في لبنان من تأليف حكومة لا تملك فيها المعارضة ثلثاً ضامناً، مما يتيح تنفيذ مجموعة إجراءات وتعيينات واستعدادات قد تمكّن مستقبلًا من مواجهة حزب الله.