فداء عيتاني
حين تحل في البلاد هدنة إعلامية فإن ذلك يفترض بالصحافيين أن يكمّوا أفواههم وينتظروا نتائج البحث الجدي الذي تجريه المراجع، والمفاوضات، وأيّ خلل في التفاوض سيعزى إلى «قصف إعلامي»، وكل هنة غير هيّنة يقع فيها المحنكون من المفاوضين سترد إلى نوايا سيئة يكنّها أبناء مهنة الإعلام، لذا وجب الصمت في انتظار أن يحصل خرق الهدنة على أيدي أباطرة السياسة والمفاوضات من الأكثرية أو المعارضة. لا يُذكر ما جاء على لسان أنطوان زهرا، أو نائلة معوض على سبيل المثال، فهما لا يمثلان كبير وزن، وللعودة إلى ميزان دقيق علينا أن نراقب كلام الرئيس فؤاد السنيورة، الذي تحدث أمس مجدداً في مناسبة ثقافية، وهو لم يخرق الهدنة الإعلامية، بل جال بنا في أرجاء الكتاب والذكريات، الأمر الذي يطرح مشكلة أخرى، ليست أقل من محاولة السياسة مصادرة الثقافة، وتعليبها، وحصرها في احتكار لا يُخترق. لطالما كانت الثقافة، كل ثقافة بما فيها اليومية، تحتقر السياسة، وأكثر ما تحتقره الثقافة هو العسكر الذي لا تراه إلا يحدق إلى لوحة «غارنيكا» لبيكاسو سائلاً من الذي فعل ذلك؟