فاتن الحاج
اتخذت رئاسةالجامعة اللبنانية أخيراً، قراراً على طريق مكننة مكتبات الجامعة، بعدما اشترت النظام المعروف بالأفق «horizon»، وهو نظام أميركي معرّب من شركة النظم العربية المشرفة على تسويقه وتطويره عربياً وفي منطقة الشرق الأوسط. وتتطلع الجامعة إلى تجهيز مكتباتها والاشتراك في خدمة الدوريات الإلكترونية في مختلف حقول المعرفة

تَعِدُ رئيسة دائرة المكتبات في الجامعة اللبنانية دينا سكر بأن تحمل السنة الجديدة أفقاً أمام الجامعة لجهة مكننة المكتبات في كل الكليات، بعد شراء نظام الأفق، وبداية تطبيقه عبر إدخال قواعد البيانات في خمس كليات، هي كلية الصحة العامة، كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية ـــــ الفرع الأول، كلية الإعلام والتوثيق ـــــ الفرع الأول، كلية الهندسة ـــــ الفرع الثاني، ومعهد العلوم الاجتماعية ـــــ الفرع الثاني. وتوضح سكر أنّ الجامعة عمدت إلى إحصاء الحاجات المكتبية والتقنية، مع مراعاة خصوصية الكليات التطبيقية، تمهيداً لتزويد المكتبات بحوالى 400 جهاز كومبيوتر جديد. من جهة ثانية، تلفت سكر إلى أهمية الدورات التدريبية التي ستنظمها الجامعة للأساتذة والطلاب في كل المحافظات، بعدما خضع أمناء المكتبات لدورات مماثلة على نظام «الأفق» الجديد.
هكذا اتخذت رئاسة الجامعة اللبنانية خطوة على طريق المكننة، وصفها المتخصص بإدارة المعلومات والمكتبات، الأستاذ في كلية الإعلام والتوثيق ـــــ الفرع الأول الدكتور عماد بشير بالشجاعة، وإن جاءت متأخرة. فاختيار نظام «الأفق» الجديد، يقول بشير، يسمح للجامعة التي عصيت على التوحيد أن تتوحد من خلال التكنولوجيا، كما يقدّم كل ما تحتاجه المؤسسة الوطنية لتطوير مكتباتها. لكن الجامعة اللبنانية تفتقر إلى المكننة المركزية والمكتبات تنتشر في حوالى خمسين فرعاً، وهذا يعني أنّ هناك 50 مكاناً يضم كتباً ومجموعات مكتبية.
من هنا، فالمهمة الأصعب، بحسب بشير، تكمن في تجهيز أوعية المعلومات المتوافرة في الجامعة، وهذا الأمر يحتاج إلى متخصصين يمتلكون مهارات الفهرسة الحديثة، أمناء المكتبات، بعد إعطائهم فرصة إعادة التأهيل والتطوير لجهة استخدام البرامج الإلكترونية في الفهرسة وإتمام كل العمليات المكتبية، من البحث الآلي الالكتروني إلى الإعادة والاقتناء وغيرها. ويتحدث بشير في هذا الإطار عن توحيد اللغة المستخدمة على مستوى الفهرسة وطرق استخدام النظام، قائلاً: «إننا بدأنا العمل على هذا الصعيد من خلال لجنة شكلتها رئاسة الجامعة لمتابعة تطبيق المشروع».
لكن بشير يعتقد أنّ عمل اللجنة بطيء بعض الشيء، و«نحن مطالبون باتخاذ قرارات حاسمة في مجال توحيد العمل بشكل سريع، وإلّا فسنقع في مأزق التشتت في أوعية المعلومات وبياناتها، لأن الخطوة المقبلة يجب أن تشمل إتاحة هذه البيانات عن أوعية المعلومات إلكترونياً للهيئة التعليمية والطلاب وكل الباحثين، ومن غير المحبذ أن تتاح هذه الخدمة، دون توحيد المداخل التي توفر الوصول إلى المعلومات».
ويوضح بشير «أنّ الكليات الخمس التي بدأت بتطبيق المشروع تعتمد نظام الفهرسة نفسه، لكن بشكل مستقل، أي كل كلية على حدة، وبالتالي لا نستطيع أن نضمن أنّ الطريقة التي تتبع في إدخال رؤوس الموضوعات وأسماء الأشخاص هي نفسها، ما يستدعي الالتفاتة إلى الأمر واتخاذ الإجراءات التي توفر المشاكل المستقبلية لجهة الوصول إلى أوعية المعلومات.
مع ذلك، يتوقع بشير أنّ يكون تأثير النظام إيجابياً على عملية التدريس، وهو سيدفع الطلاب إلى الاعتماد على مقتنيات الجامعة اللبنانية في كتابة أبحاثهم وتطوير قراءاتهم، وخصوصاً أنّ هذا المشروع يترافق مع إعادة تجهيز كاملة لعدد من المكتبات في الجامعة، بهبة من مؤسسة الوليد بن طلال التي وفّرت تجهيز البناء والأثاث.
غير أنّ ما تحتاج إليه الجامعة الآن، يقول بشير، هو أوعية معلومات تتضمن كتباً حديثة وأطروحات جامعية، والمطلوب أيضاً أن توسع شبكة الاشتراكات مع مصادر المعلومات الإلكترونية والدوريات التي تتوافق مع الاختصاصات الجامعية. وهنا لا تخفي سكر «أننا ننتظر الإجراءات الإدارية الروتينية لإنهاء معاملات الاشتراك بـ 4 إلى 5 آلاف دورية إلكترونية «ـe journals» في مختلف حقول المعرفة التي تختص بها الجامعة، إضافة إلى الكتب الكترونية «e -books »، وذلك من خلال التعاقد مع شركات عالمية.
ويشير بشير إلى أن الجامعات تخصص مئات الآلاف من الدولارات للاشتراك في الدوريات ومصادر المعلومات الإلكترونية التي تعد السبيل الأساس والمهم لتحديث معلومات الأساتذة والطلاب. ويركز على أهمية الاشتراك في كتب الكترونية تطال اختصاصات متطورة في الطب والصيدلة والهندسة. أما في الجامعة اللبنانية «فيجب إعادة النظر في موازنة المكتبات ومضاعفة المبالغ المخصصة للكليات التطبيقية، نظراً لأنّ أسعار الكتب الأجنبية تتضاعف تلقائياً من 5 إلى 8%. ويرى بشير أنّ خدمة «EBSCO» التي تؤمن ما يزيد على 3000 دورية إلكترونية في اختصاصات متعددة لا تكفي وحدها لتوفير متطلبات الهيئات التعليمية والطلاب والباحثين. ويؤكد، من جهة ثانية، أنّ استغلال النظام الإلكتروني الجديد بشكل أوسع يفرض تنظيم دورات تدريبية للكادر الجديد الذي التحق بمكتبات الجامعة.
وعن تخزين المعلومات، يقول بشير إن البيانات ستخزّن على خوادم وفق الشروط المطلوبة في الإدارة المركزية، على أن يهتم قسم المعلوماتية بالصيانة والنسخ البديلة والمحافظة على البيانات. كذلك يدعو إلى إعطاء أمناء المكتبات صلاحيات اتخاذ القرارات بعيداً عن إدارات الفروع التي تعوق في بعض الأحيان العمل لعدم معرفتها بالتقنيات المستخدمة.
ويتطلع بشير إلى أن يصبح الأستاذ والطالب قادرين على البحث في الفهارس الإلكترونية التابعة لأي فرع في أية كلية، على أن يكون بشكل منفرد أو جماعي، مشيراً إلى أنّ التعامل مع التكنولوجيا وتطبيق الأنظمة الجديدة تحتاج إلى وقت حتى في البلدان المتقدمة. ومع ذلك فهو يجزم أن المشروع إنجاز، وإن كان لا يزال في بداية الطريق ويحتاج إلى ضبط، لكن لن يكون له حد نهائي، فالعمل جارٍ وسيستمر باستمرار الجامعة.



توظيف المتخرجين

دعت الجامعة اللبنانية متخرجيها إلى الالتحاق بالمكتبات والإسهام في أعمال الفهرسة وإنجاز مشروع المكننة. وقد بادرت الجامعة إلى التعاقد مع طلاب أقسام المعلومات والمكتبات في كلية الإعلام والتوثيق بفرعيها الأول والثاني للقيام بوظيفة أمين مكتبة. كذلك استقدمت الجامعة المتخرجين من قسم المعلوماتية في كلية العلوم للاستعانة بهم في الأعمال التقنية والفنية (IT). وأوضحت رئيسة دائرة المكتبات دينا سكر «أننا اخترنا 35 متخرجاً من أصل 44 تقدموا بطلبات إلى رئاسة الجامعة، وسنعمد إلى توزيعهم على مكتبات الفروع في كل المحافظات، تمهيداً لتدريبهم على استخدام نظام الأفق الجديد بالطرق السليمة».
لكن الطلاب أبدوا استياءهم من اشتراط الجامعة أنّ يكون المتخرّج من كلية الإعلام حائزاً الإجازة وفق النظام القديم (4 سنوات دراسة) أو أنه حصل على M1 (ثلاث سنوات + سنة أولى ماستر). وتساءل الطلاب عن حرمانهم وظيفة دولة لمجرد أن الظروف شاءت أن يخضعوا لثلاث سنوات للحصول على الليسانس.