حسن عليق
لا تزال المثلية الجنسية من المحرمات ــ المقدسات (taboo) في لبنان. ويعاني اللبنانيون المثليون التمييز والنظرة الفوقية المسبقة، وقانوناً من السجن. وسجنهم في زنازين الرجال شديدة الاكتظاظ قد يعني تعريضهم للتحرش والاغتصاب


لا يزال المشترع اللبناني ينظر إلى العلاقات الجنسية المثلية على أنها مخالفة للقانون، إذ تنصّ المادة 534 من قانون العقوبات على أن «كل مجامعة على خلاف الطبيعة تعاقب بالحبس حتى سنة واحدة». وإذا حُكم شخص ما أو أوقف بالتهمة المسماة «لواطاً»، فإنه يودع في نظارات الرجال وسجونهم، وخاصة في رومية. وفي السجن المذكور، «يكفي أن يكون الموقوف أو المحكوم ذا «ملامح ناعمة» حتى يتعرّض للتحرش الجنسي، وأحياناً للاغتصاب»، بحسب ما قال لـ«الأخبار» منسق جمعية «حلم» في لبنان جورج قزي الذي أضاف: «فكيف الحال إذا كُتِبَ في ملف السجين أنه متّهم بارتكاب جرم «اللواط»، وانتشر الخبر بين السجناء؟». وذكر قزي أن في رومية حالياً «5 أشخاص على الأقل مسجونين بجرم «اللواط». ويتعرّض هؤلاء للمضايقات والتحرش الجنسي».
من ناحية أخرى، أكّد أحد المطلعين على أوضاع سجن رومية أن «الهرمية» المسيطرة على مجتمع سجن رومية تسمح لذوي النفوذ من نزلاء السجن بأن يفرضوا على غيرهم تأمين حاجياتهم، ومنها رغباتهم الجنسية، إما عبر التهديد أو في مقابل مكافآت. ويوم السادس من الشهر الفائت، أصدرت المحكمة العسكرية الدائمة حكماً غيابياً قضى بالأشغال الشاقة مدة خمس سنوات لكل من م. ط. وج. ك. وتجريدهما من الحقوق المدنية ومصادرة الكفالة لكل منهما، وذلك «لإقدامهما على إكراه السجين ح. ق. بالعنف والتهديد على إجراء فعل مناف للحشمة».
المعضلة الكبرى المتعلقة بمكان التوقيف تكمن في كون الموقوف أو المحكوم من المثليين المتحولين جنسياً، والذين تفرض عليهم مشكلة الهرمونات التي يعانونها تغيير جنسهم، أو عدم تحديد هويتهم الجنسية بوضوح. فالرجال من هؤلاء يشبهون النساء إلى حد بعيد، وتمنع القوانين اللبنانية وضعهم في سجون النساء لأنهم ذكور بحسب قيودهم القانونية.
كذلك توقيفهم في سجون الرجال قد يؤدي إلى تعرّضهم للإساءة والتحرش. ويذكر في هذا الإطار، حكم غيابي أصدره قاضٍ في بيروت قبل أشهر، قضى بسجن الشاب ز. و. بجرم «المجامعة على خلاف الطبيعة». وبعد توقيف الشاب وسوقه إلى المحكمة، فوجئ القاضي بأنه من المتحولين جنسياً، ويشبه بمظهره الخارجي النساء، وخاصة من ناحية شعره وملامح وجهه وحجم صدره. ونتيجة لذلك، لم يرض القاضي بوضعه في نظارة قصر العدل المخصصة للرجال، أو إرساله إلى رومية، كذلك وضعه في إحدى زنازين سجن النساء غير ممكن قانوناً. وبعد التفكير بالقضية، استقرّ الرأي، بعد نيل موافقة النيابة العامة، على وضعه في زنزانة انفرادية في سجن بربر الخازن للنساء، تمهيداً لتقدمه باعتراض على الحكم الصادر بحقه.
الحل المؤقت الذي اجترحه القاضي في بيروت، شكّل نوعاً من الحماية للمحكوم المذكور، وإن سُجِن في زنزانة انفرادية، لكن المثليين لا يزالون يعانون من مشكلة التوقيف بسبب تجريم القانون لهم على ميولهم الجنسية، ومن مشكلة مكان التوقيف الذي قد يعرضهم لنوع آخر من الإساءة والمهانة.
وهذه القضية بحاجة لوضعها على طاولة البحث لمحاولة إيجاد حل دائم وشامل لها، طالما أنه لا يظهر في المدى المنظور توجُّه لتعديل قريب يطال النظرة القانونية إلى المثليين. ومن أبرز الدوافع الكامنة خلف طرح هذه الاشكالية، هو عدم إنسانية تعريض المثليين، الذين يشتكون من نظرة المجتمع السلبية إليهم، لمخاطر قد تؤثر على مستقبلهم. فحتى لو رأى القانون اللبناني أن المثلية جريمة يعاقب مركبها بالحبس، فهل من القانوني والإنساني تعريض المثلي لخطر الاغتصاب الذي قد يخلّف وراءه آثاراً نفسية من الممكن أن يكون لها نتائج سلبية أصعب من تلك الناتجة من السجن؟