149; عين التينة: لا قيمة دستورية لمشروع التعديل والمجلس لن يتواطأ ضد الدستور
«الأمن خط أحمر»... وفي ما عدا ذلك، اتخذت الأمور أمس منحىً تصعيدياً خطيراً سيفتح جدالاً جديداً ــ وعقيماً حتماً ــ حول الصلاحيات ومواد الدستور والشرعية والميثاق والتوافق والوفاق، وكل ذلك تحت شعار الحرص على تطبيق الدستور

بصلاحيات رئيس الجمهورية بالـ«وكالة»، فتحت الحكومة باب المواجهة مع المعارضة، بإطلاق «رصاصة» التعديل الدستوري نحو مجلس النواب، ودعوته إلى عقد استثنائي، الأمر الذي واجهه معارضون بحمل «دِرع» المادة 74 وبأن المجلس «لن يتواطأ الآن ضد الدستور في ما أقدمت عليه هذه الحكومة».

قرارات الحكومة ودفاع السنيورة عنها

فقد تقدم مجلس الوزراء، في جلسة عقدها أمس، من مجلس النواب بـ«مشروع قانون دستوري» يتضمن إضافة فقرة إلى المادة 49 من الدستور تنص على أنه «يجوز لمرة واحدة انتخاب رئيس الجمهورية من القضاة أو موظفي الفئة الأولى، وما يعادلها في جميع الإدارات العامة والمؤسسات العامة وسائر الأشخاص المعنويين في القانون العام».
كما قرر دعوة مجلس النواب إلى عقد استثنائي من أول العام الجديد حتى 17 آذار المقبل، برنامجه: مشروع التعديل، مشاريع موازنة 2006 و2007 و2008، مشاريع القوانين المحالة إلى مجلس النواب التي تحال إليه، مشاريع القوانين والاقتراحات والنصوص التي يقرر مكتب المجلس طرحها على المجلس.
ووضع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة هذه الخطوة، في إطار «استنباط حلول لمشاكل تزداد تعقيداً وتشابكاً»، وقال إن الحكومة تمارس صلاحيات رئيس الجمهورية «التي أناطها بها الدستور... بمسؤولية كبيرة»، وإنها «لا تريد إلا السهر على تسيير أعمال الدولة، ولن يثنيها عن إرادتها هذه تهويل أو تذرع».
وأبدى ثقته بأنه «في عهد الرئيس الذي نتطلع إلى انتخابه، العماد ميشال سليمان (...) سنجد الطاولة الحوارية الممدودة الباعثة على الثقة والرحابة، والمقتنعة تماماً بفصل السلطات الدستورية وتعاونها بما يشجع كلاً منها على أداء دورها المحدد في الدستور بانتظام وانسجام دون أن تفتئت واحدة على الأخرى».
ورأى وزير الإعلام غازي العريضي أن الرئيس نبيه بري لن يدعو إلى جلسة «بسبب موقفه من الحكومة ورئيسها»، لكنه رأى أن الحكومة قامت بواجبها «حرصاً على عدم تضييع الوقت والاستفادة من كل لحظة وكل يوم لتعديل الدستور وانتخاب العماد سليمان»، واصفاً قراراتها بـ«الإجراءات الوقائية». وقال: «نحن لا نريد إحراج أحد، لا الرئيس بري ولا أي طرف لبناني، بل بالعكس نريد التفاهم والتوافق في ما بيننا».
وفيما أجاب بـ«لا أدري» عما إذا كانت قرارات الحكومة استفزازية، سارعت شخصيات في المعارضة إلى رفضها، وقال الوزير المستقيل فوزي صلوخ إن تحويل مشروع التعديل إلى المجلس «ليس له أي مترتبات دستورية أو قانونية، باعتباره صادراً عن هيئة هي أصلاً غير دستورية، إلا أن هذا القرار له انعكاسات سياسية مسيئة لم يكن من الحكمة الاستخفاف بها».
ومن عين التينة أعلن النائب علي حسن خليل إن المجلس «لن يتواطأ الآن ضد الدستور في ما أقدمت عليه هذه الحكومة»، مشيراً إلى أن المشروع «لا قيمة دستورية له»، مردفاً «أن المادة 74 صريحة أنه في حال الشغور لأي سبب لا تعود هناك حاجة للمهل ولتقديم الاستقالات». ورأى أن ما فعلته الحكومة «فقط محطة إعلامية تعطيلية للتسوية ككل، لأنها استجابة لما طالب به أسياد السيد فؤاد السنيورة الذين طالبوا واستفاقوا على انتخابات النصف زائداً واحداً، والمشاريع الانقلابية ليأتي هذا القرار وقوداً للنار التي يحاول ويرغب هؤلاء في إشعالها مجدداً، لكننا لن نستدرج (...) ونرفض الوقوع في فخ الانقسام ولسنا ولن نكون كالعملاء مهما كانت هوية هؤلاء العملاء».
وقال النائب نبيل نقولا إن الجلسة «تشكل عملاً استفزازياً لشريحة كبيرة»، لكنها لا تحرج بري «الذي يطبق الدستور»، ودعا إلى انتظار مآل الأمور، مستعيناً بالمثل: «يضحك كثيراً من يضحك في النهاية».

سجالات على أكثر من محور وبالوكالة

وأمس استمرت السجالات على أكثر من محور، فرد النائب كميل الخوري، على المطران بشارة الراعي بدعوته، إلى «أن يشهد للحق»، متمنياً عليه «وعلى بكركي تحديد المعرقل وتسمية من رفض طرح اللقاء المسيحي الرباعي».
وهاجم النائب عمار حوري المعارضة «بشقها المستأثر والمعطل لمجلس النواب والمحتل لوسط بيروت وشقها الآخر في تجمع بعض الراسبين في الانتخابات النيابية». ورد النائب علي بزي بأن «الدكتيلو يطبع: توزع البيانات على صغار الجهلة الذين لا يجيدون حتى الاستيعاب».
وتواصل سجال الوزيرين أحمد فتفت ومحمد جواد خليفة، لكن بالوكالة، حيث رأى النائب عزام دندشي في البيان الأخير لخليفة «جملة من محاولات تضليل للرأي العام وتشويه الحقائق وقلبها لمصلحته»، ورد النائب علي خريس باتهامه بأنه «خلط بين أمور سياسية وصحية».
ووسط هذه الأجواء، طمأن قائد الجيش، خلال تفقده وحدات الجيش قرب مخيم نهر البارد، إلى أن «الأمن خط أحمر، وهو تكليف وطني وحق للمواطن». لكنه رأى أن «فرحة الأعياد لا تتحقق إلا بزوال قلق المواطنين من الأوضاع السياسية الصعبة التي تمر بها البلاد». ودعا العسكريين إلى «المزيد من الاستعداد والجهوزية»، وتسهيل عودة النازحين من المخيم و«تأمين الحماية لهم من العدو الإسرائيلي المشترك». كما أمل البطريرك الماروني نصر الله صفير أن «تكون السنة الجديدة خيراً من السنوات الماضية»، ودعا إلى عدم اليأس».