غسان سعود
مرة أخرى تنكسر الجرة السياسية. والحجة هذه المرة القرارات الحكومية الأخيرة، إذ ذهب بعض المعارضين إلى حد اتهام الأكثرية بالعمالة لإسرائيل فيما تبدو الموالاة أكثر هدوءاً، خصوصاً أن بين المراقبين من يجد أن المستقبل وحلفاءه يستطيبون كسر الجرة بما يفضي إلى تحقيق مطالبهم كل مرّة. إذ تمكّن المستقبل، رغم صخب المعارضين، من إمرار قانون غازي كنعان الانتخابي بما يحقق مصلحتهم، وتأليف حكومة يمسكون بثلثي أعضائها، وإقرار المحكمة الدولية.
وترى الموالاة أن رد فعل المعارضة الأخير هو مجرد زوبعة في فنجان، فيما المطلوب من المعارضين، بحسب نائب زغرتا جواد بولس، تقويم المرحلة السابقة والاقتناع بأن قائد الجيش يشكل ضماناً للجميع وهو الأقدر على إدارة التفاوض بين مختلف الأفرقاء. ويجد بولس أن الخطوة الثانية بعد القرار الحكومي الأخير هي انتخاب سليمان رئيساً.
وفي السياق نفسه يرى النائب العكاري رياض رحال أن تصعيد «الأقلية النيابية والشعبية» الأخير سببه تلمّس العجز بعدما صدقوا كذبتهم بأن تغييرات دولية ستسهل انقلابهم على الطائف، وإلغاء المناصفة لمصلحة المثالثة. ويقول رحال إن «الأقلية المسلحة» منعت الأكثرية من انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهل القانونية.
بدوره، لا يخرج نائب إقليم الخروب محمد الحجّار عن توجه زملائه في الأكثرية النيابية، فيردد كلامهم، مضيفاً أن المعارضين لا يريدون في الحقيقة سليمان ولا أي رئيس آخر لأن الفراغ وفق تحليلهم سيوصل إلى الفوضى، والفوضى إلى الاقتتال الذي ستحاول سوريا استغلاله لاستعادة موقع ما على الخريطة الإقليمية، مؤكداً أن ثمة من همس في أذن المعارضة طالباً تأجيل انتخاب سليمان رئيساً ريثما يحسّن وضعه التفاوضي.
أما المعارضة فتجد أن الموالاة تجمّد الوضع محاولة دفع المعارضين إلى القبول بما لا يريدونه تحت وقع الضغط الشعبي. ويشبّه نائب زحلة المعارض سليم عون الإجراء الحكومي الأخير بالسباحة في الفراغ، مؤكدأ أن لا أفق له موضوعياً أو عملياً لكونه سينتهي عند عتبة الأمانة العامة لمجلس النواب.
ويقارن عون بين خطوة الاثنين الماضي وحملة «فل» التي أطلقتها الأكثرية، مشيراً إلى أن قوة المعارضة تكمن في منع الأكثرية من القبض بشكل كلياً على السلطة. ويرى عون أن ثمة خيارات صعبة، تؤجل المعارضة تبنّيها منذ أشهر ريثما تجرؤ الموالاة على خرق الخطوط الحمراء، مؤكداً أن معظم القرارات التي أخذتها الحكومة غير الشرعية أو قد تأخذها مستقبلاً هي دون معنى عملي، ولا تستحق رد المعارضة. ويقول إن تعيين وزير قد لا يكون بالشيء الكبير فيما قد يفضي إقدام الأكثرية على تعيينات أمنية إلى مشكلة كبيرة، «خصوصاً أن المعارضة ستكون في وضع دفاع عن النفس، يبيح كل الوسائل».
وسط هذه الأجواء، يعود أحد المراقبين ليعلن تمسكه بنظريته حول دوران الأكثرية والأقلية في دائرة مفرغة ضمن لعبة شرط استمراريتها، شغل الرأي العام بخلاف جديد كل بضعة أشهر. فيما الوقت يمضي، والتردّي العام يتزايد.