149; حديث عن تحرّك فرنسي جديد وحزب الله يدعو الحريري إلى قبول المشاركة
في ما عدا النعي المبكر لجلسة مجلس النواب السبت المقبل، والسجال الدائر حول القرارات الأخيرة للحكومة وموقف رئيس المجلس منها، مع تواصل الاتهامات المتبادلة بالتعطيل، خلت البلاد من أي مساع أو محاولات جدية لحلحلة الأوضاع

استسلم المسؤولون لعطلة الأعياد، واتسمت الأجواء بحالة جمود لا تحركها إلا سجالات الهجوم والدفاع، في ظل شلل في الحركة الدولية باتجاه لبنان، واقتصار النشاط اللبناني على تبادل «المعايدات» التي باتت شبه الوحيدة التي تجمع الأضداد بزيارات واتصالات بروتوكولية.
فالحركة السياسية تمحورت في معظمها أمس على زيارات التهنئة بالأعياد، وكانت أبرزها زيارة قائد الجيش العماد ميشال سليمان لرئيس الحكومة فؤاد السنيورة والبطريرك الماروني نصر الله صفير، إضافة إلى تلقي السنيورة اتصالاً من مفوض الأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، واتصل بدوره بالأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى ووزير خارجية مصر أحمد أبو الغيط.

تراجع المواقف الدولية أم إعادة تقويم؟

وترافق الجمود الداخلي مع تراجع زخم المواقف الدولية، باستثناء موقف لا جديد فيه للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي رأى في مقال نشرته «الإيكونوميست» عن سياسة فرنسا الخارجية في العام الجديد، أن انتخاب رئيس «بشكل يتماشى مع المعايير الدستورية المتبعة، هو أمر يمثل مرحلة لا بد من الوصول إليها لتحقيق عملية المصالحة في البلاد». ولفت إلى جهود بلاده «لإعادة الحوار»، مشيراً إلى أن العبء الأكبر يقع على عاتق اللبنانيين للتوصل إلى حل. وقال: «نتوقع من كل أطراف المنطقة، بما فيها سوريا، أن تتحرك في اتجاه بلورة هذا الحل السياسي».
ووسط هذه الأجواء، برز موقف للمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله، حسين الخليل، وجه فيه نداء إلى النائب سعد الحريري، مطالباً إياه بالقبول بالمشاركة، وأن يقول للمعارضة: أهلاً بك، خذي حصتك، وأنا شريكك». وقال إن المعارضة بكاملها مع وصول سليمان إلى الرئاسة «وليس هناك أي تراجع»، مضيفاً: «لا مانع من مناقشة حصة رئيس الجمهورية في الحكومة الجديدة».
كما برز تلميح النائبين علي حسن خليل وعلي بزي، إلى إمكان استئناف المبادرة الفرنسية، فقال الأول: «إن إمكان التسوية لا يزال قائماً، وهنالك تحرك فرنسي إشارته يمكن أن تبدأ قريباً»، وتحدث الثاني عن «إشارات وردت من الخارج لإطلاق عملية التسوية السياسية من جديد، وللفرنسيين الدور الأبرز فيها».
لكن النائب عمار حوري بدّد هذا الجو بالقول إن الفرنسيين الآن «في مرحلة إعادة تقويم بعدما ووجهوا بسلسلة من الأكاذيب والمقالب»، و«هذا القدر من تزوير الحقائق، وقد يعيدون حساباتهم كثيراً كثيراً قبل الإقدام على أي مبادرة».
وعلى صعيد آخر، علّق النائب خليل على ما ذكرته صحيفة إسبانية، من تهديد للكتيبة الإسبانية إذا سلمت بلادها رجل الأعمال السوري المعتقل لديها منذر الكسار إلى الولايات المتحدة، بالقول إن القوات الدولية «موضع احتضان وتقدير من كل اللبنانيين، وبالتالي لا أعتقد أن هنالك مبرراً لهذا الأمر، وأي اعتداء عليهم، هو اعتداء علينا جميعاً».

«إجراء استفزازي لجس نبض المعارضة»

إلى ذلك، تواصلت أمس حملة المعارضة على القرارات الأخيرة للحكومة في شأن التعديل الدستوري والدورة الاستثنائية لمجلس النواب، إذ رأتها كتلة «الوفاء للمقاومة» بِلا «قيمة دستورية أو عملية»، وأنها «إجراء استفزازي يهدف إلى جس نبض المعارضة تمهيداً لمزيد من التجاوزات، وهذا الأداء يفتح الباب أمام تعقيدات جديدة يتحمل فريق السلطة كامل مسؤوليتها». واتهمت «فريق السلطة» بتضييع «أكثر من فرصة تاريخية لانتشال البلاد من أزمتها المتفاقمة، دون أن يتعلم أن الرهان على الإدارة الأميركية المترهلة لن يؤدي إلا إلى السقوط الذي سيكون دويه أكبر كلما تأخر الوقت، وحينذاك لات ساعة مندم».
واتهم النائب نوار الساحلي الحكومة بأنها ضربت عرض الحائط بمقدمة الدستور وروحيته «بطريقة استعراضية بهلوانية سخيفة لا محل لها من الإعراب»، كما اتهم رئيسها بأنه «نعى الدستور واغتال مساعي التوافق». وقال النائب علي المقداد إن القرارات «لن تعدو كونها مجرد حبر على ورق»، كما وصفها النائب مصطفى علي حسين بأنها «باطلة» و«تندرج في إطار ذر الرماد في العيون».
ورد المكتب الإعلامي في رئاسة الحكومة، على ما اعتبره «حملة عنيفة وشخصية تخطت كل الأصول والأعراف والتقاليد»، متهماً «قوى سياسية معروفة، ووسائل إعلام تابعة لها وعلى ما يبدو بتوجيه من مرجعياتها»، باستخدام «أوصاف ونعوت واتهامات وافتراءات لم تتوقف عند أي حد»، وحذر من «أن الاستمرار في هذا التصعيد والهجوم والافتراء، حتى في ظل الخلاف السياسي الكبير، لا يخدم المصلحة العامة، وحتماً لن يكون في مصلحة هذه المرجعيات».
ودافع الوزير خالد قباني عن قرارات الحكومة معتبراً أنها جاءت «انطلاقاً من الرغبة في إنهاء الوضع الحالي غير الطبيعي». ووضع النائب روبير غانم «ممارسة مجلس الوزراء صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة»، في «خانة إنهاء الوضع الشاذ القائم راهناً بفعل الفراغ في موقع الرئاسة».
وقلّل عمار حوري من رفض بري تسلم مشروع التعديل وفتح دورة استثنائية، مشيراً إلى أنه «غير معني بهذا الموضوع». وكشف أن «الساعات المقبلة ستكون حاسمة في إنجاز الآلية المتعلقة بعريضة موقعة من عشرة نواب أو عريضة إضافية لإنجاز الاستحقاق الرئاسي وفتح مجلس النواب».
من جهة ثانية علّق الوزير المستقيل يعقوب الصراف، على ما تردد عن موضوع ترميم الحكومة وتفعيلها، قائلاً إن «التلطي وراء المطالبة بتفعيل عمل الحكومة أمر باطل»، و«إن تعيين وزير وإقالته من الأمور البسيطة والثانوية بالنسبة إلى الاعتداءات والتجاوزات التي تقدم عليها الحكومة». ووضع النائب نبيل نقولا التصريحات حول الموضوع «في عهدة» صفير وكل الوزراء والنواب المسيحيين.
إلى ذلك، توقع عدد من النواب، وبشبه جزم، تأجيل جلسة مجلس النواب إلى العام المقبل، وذهب النائب عاصم عراجي إلى حد القول إن الرئاسة «ستبقى أسيرة الفراغ حتى الاستحقاق النيابي المقبل».