طرابلس ـ عبد الكافي الصمد
غاب السجناء عن المعرض الذي نظّمته الجمعية اللبنانية الخيرية لإصلاح السجون والأحداث وتأهيلهم تحت شعار «المهارات التي تخفيها الظلمة وراء القضبان»، في قصر رشيد كرامي الثقافي البلدي (قصر نوفل سابقاً). وإضافة إلى غيابهم، غابت عن موجودات المعرض، الذي يستمر حتى مساء اليوم (السبت)، أسماء السجناء وتوقيعاتهم على اللوحات والرسوم المعروضة، والأشغال التي توزّعت بين أشغال يدوية استعمل في بعضها ورق الصحف، ولوحات ورسوم، ومسابح مكوّنة من الخرز ولب حبات الزيتون والتمر، وحقائب مدرسية وغيرها. وتتراوح أسعار المعروضات بين 3 آلاف ليرة و150 ألفاً.
رئيسة الجمعية المشرفة على المعرض فاطمة بدرا أوضحت لـ«الأخبار» أنّ المعرض «يضمّ مختلف الأنواع والأشغال من خرز ولوحات قرآنية من كلّ الأنواع. وشارك فيه نزلاء سجون طرابلس، الرّجال والنّساء معاً، وكنّا نتمنى أن يكون المشاركون حاضرين، لكنّ الظروف تمنع ذلك»، لافتة إلى أنّ «تعاون السلطات وتجاوبها معنا كان جيداً، وتحديداً المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي».
وأشارت بدرا إلى أنّ «مردود المعرض سيعود لنزلاء السجن، ونحن ساعدناهم في ذلك؛ أمّا انطباعنا العام فإنّه سيشجعنا على تنظيم هذا المعرض سنوياً». وقالت إنّ المعرض هو «لمنتجات صنعت من دون آلات، لكن بطاقة بشرية وأيد ماهرة أراد السجين أن يعبّر من خلالها عن معاناته».
وأضافت أنّ الجمعية «أرادت من هذا المعرض أن يكون صلة وصل بين السجين ومجتمعه، حيث يستطيع أن يحاكيه، عبر بعض الصناعات اليدوية التي من شأنها أن تعود عليه أولاً بالمنفعة المادية، فيكون عنصراً منتجاً في سجنه؛ وثانياً أن تعطيه الأمل والتفاؤل، وتزيل حالة اليأس التي غالباً ما تكون مقتلاً لدى أكثرية السجناء»، لافتة إلى أنّه «لعلّ هذه الخطوة، تجعلنا أكثر قدرة على الإصلاح والتأهيل، وتجعل السجين في حالة نفسية جيدة، ممّا يُسهم في إلغاء فكرة أنّه منبوذ أو غير مرغوب فيه، وهذا ما نعمل للوصول إليه».
من ناحيته رأى رئيس بلدية طرابلس رشيد جمالي أنّ المعرض «استثنائي ومميّز، وهو مفاجأة سارة، إذ مكّننا من الاطّلاع على قدرات ومهارات وكفاءات وراء القضبان، استطاعت الجمعية أن تبرزها، وأن ترتقي بها في طريق التطوّر والنّمو والإيجابية».
ولفت جمالي إلى أنّه «لا شكّ في أنّ السجن عقاب قاس، والوحدة عبء نفسي كبير على السجناء، وسجوننا ليست بأفضل أحوالها، والإمكانات المالية اللازمة لتأهيل هذه السجون لا تزال غير متوافرة، من هنا يُمثّل هذا المعرض نشاطاً استثنائياً، إذ يضع السجناء الذين يعانون وطأة الفراق والحرمان على درب الإيجابية، ويملأ وقتهم لإبراز بعض قدراتهم، ويحقّق لهم تواصلاً إيجابياً مع مجتمعهم، ويزيل عن وجوههم صورة كالحة كان المجتمع يحملها لهم، فإذا بهم في عداد الفاعلين والنّاشطين في إطار الحياة العامة لمجتمعهم».