strong>نادر فوز
في البدء كانت استقالة الوزراء الشيعة، بعدها حلّت مقاطعة مجلس الوزراء لرئيس الجمهورية السابق إميل لحود، إلى أن انصرف الأخير وسيطر الفراغ على بعبدا. ومع استمرار تعطيل عمل المجلس النيابي والفراغ الرئاسي وتسلّم الحكومة لصلاحيات رئيس الجمهورية، بدأ تخوّف اللبنانيين من المصير المجهول الذي سيواجهونه: حلّ يرضي جميع الأطراف أم حرب أهلية جديدة؟
رأى عضو المكتب السياسي في حزب الكتائب، ساسين ساسين، أن النتائج المترتّبة على الفراغ التي يعيشه قصر بعبدا «ستكون سيّئة جداً على جميع الأطراف وجميع المواطنين»، مشيراً إلى أنّ تفاقم هذه المشكلة من شأنه أن ينتج فراغاً شاملاً. ورأى ساسين أنّ الحكومة تحاول قدر الإمكان الحدّ من الفراغ الحاصل بتسلّمها صلاحيات رئيس الجمهورية، «واستقالتها، إذا حصلت، تؤدي مباشرةً إلى فراغ عام» في ظلّ غياب الرئيس وتعطيل المجلس النيابي. والمطلوب، بحسب ساسين، منطلقات وطنية لملء الفراغ، مشيراً إلى «الرهان على وعي المراجع اللبنانية، التي نجحت حتى اليوم، في عدم الدخول في تجاذبات أضيق يمكن أن تفجّر الوضع الأمني».
من جهته، اعتبر مسؤول منطقة البترون في القوات اللبنانية، فادي سعد، أنّ الأطراف التي تريد استمرار الفراغ تهدف إلى دفع المسيحيين للقبول بأي اسم ليحكم بعبدا. وقال سعد إنّ «الفراغ موجود منذ بدء الحقبة السورية بعد تطبيق اتفاق الطائف»، معتبراً أنّ ما يجري اليوم ليس إلا «فاتورة على اللبنانيين تسديدها لأنهم اقتربوا من تحقيق حريتهم وسيادتهم بعد خروج الجيش السوري». ولفت سعد إلى أنّ الفراغ الحالي في رئاسة الجمهورية هو المرحلة الأخيرة في عملية ضرب مؤسسات الدولة «وبطريقة ممنهجة»، مشيراً إلى أنّ الحكومة الحالية «أقلّ ما يمكن أن تفعله هو تصريف الأعمال» إلى أن تعيد في أسرع وقت ممكن «ما لقيصر لقيصر». وعن النتائج التي يمكن أن تنتج عن هذا الفراغ، رأى سعد أنّ الأفق مجهول، مشيراً إلى وجود احتمالات خطيرة كـ«نشوب حرب أو إفلاس اقتصادي عام أو عدم استقرار للوضع الأمني» مما يمكن أن يغيّر الأوضاع جذرياً.
وفي السياق نفسه، شدّد عضو الهيئة المركزية في التيار الوطني الحرّ، نعيم عون، على أنّ اللبنانيين يعيشون فراغاً في رئاسة الجمهورية منذ قرابة سنتين «مع عزل الحكومة للرئيس إميل لحود». وأشار عون إلى أنّ المشكلة الأساسية لا تكمن في الفراغ «كما تحاول بعض الأطراف التسويق في وسائل الإعلام»، بل في مسألة المشاركة بين كل الأطراف واستئثار قوى الموالاة في السلطة. وطرح عون فرضية تفاقم الأزمة الحالية وتعدّيها للأزمة السياسية، وقال إن الحل يجب أن يكون جدياً ونهائياً «كي لا ينتج أي حلّ عشوائي أزمة جديدة بعد فترة زمنية قريبة أو بعيدة»، معتبراً أنّ «تمديد الفراغ إلى حين الاتفاق على حلّ جدي هو أفضل من التأسيس لأزمة جديدة تتكرر كل ستّ سنوات».
وعلى صعيد آخر، قالت شخصية معارضة مقرّبة من التيار الوطني الحرّ، إنّ الفراغ الحاصل من شأنه أن يضيّق الخناق على المواطنين في ظلّ «سياسة اقتصادية هزيلة انتهجتها الحكومات المتعاقبة»، إضافةً إلى دفع البلاد نحو «هاوية هدفها قطع الطريق على أي اتفاق ما بين القوى والطوائف المتصارعة رغماً عنها إلى التصارع».