عبد الكافي الصمد
يرتقب أن يخرج الدّخان الأبيض من مقرّ دائرة أوقاف طرابلس يوم الأحد في 27 كانون الثاني المقبل، إيذاناً بإعلان اسم المفتي السّابع لطرابلس والشّمال، الذي سيتبوأ هذا المنصب خلفاً للمفتي طه الصابونجي الذي أحيل على التقاعد في 1/10/2005، بعد نحو 23 سنة أمضاها في المنصب، وقد حلّ مكانه لاحقاً بصورة مؤقتة أمين الفتوى في طرابلس الشيخ محمّد إمام.
وليس غافلاً عن أحد أنّ الظّروف التي مرت بها البلاد خلال الفترة الماضية، فضلاً عن عدم نضج طبخة انتخاب مفتٍ جديد، والتباين القائم بين «كبار» الطائفة السنّية في طرابلس، إضافة إلى الوقت الذي استغرقه إمرار التعديلات الداخلية التي طرأت لناحية حصر عدد أفراد الهيئة الناخبة، كانت أبرز العوامل التي أسهمت في تجميد الانتخاب، وفي بقاء إمام في منصبه المؤقّت طوال الفترة الماضية.
وإذا كان قد تمّ في العامين الأخيرين تعيين مفتيين في كلّ من عكّار وصور والبقاع وصيدا، فإنّ تعيين مفتٍ مماثل في طرابلس قوبل بـ«تحفظ» ارتكز في الأغلب على خلفية سياسية، بالتزامن مع غياب توافق طرابلسي على التعيين، الأمر الذي جعل الانتخاب خياراً لا مفرّ منه.
وعليه، لم يكن قرار مفتي الجمهورية الشيخ محمّد رشيد قباني بتحديد موعد الجلسة مفاجئاً، ومعه بدأت التحضيرات والتحرّكات، المعلنة منها والسرّية، إمّا بهدف جسّ النبض، وإمّا لإجراء جولة أولية من المشاورات يُنتظر لها أن ترسم ملامح الشخصية التي ستحمل لقب «صاحب السماحةّ»، وذلك بعد انتهاء تقديم طلبات الترشيح في الخامس من الشهر المقبل.
ومع أنّ مفتي طرابلس والشّمال تراجع تراتبياً إلى المرتبة الثانية بعد مفتي الجمهورية، لكنه لا يزال يمثل ثقلاً تاريخياً لا يستهان به، وخصوصاً أنّ هذا المنصب كان من الناحية الدينية هو الأول في لبنان زمن الانتداب الفرنسي قبل استحداث منصب مفتي الجمهورية، فضلاً عن دور طرابلس التاريخي في هذا المجال، ما يعطي المنصب دوراً أساسياً على صعيد الطائفة السنّية في
لبنان.
وتنشغل دائرة الأوقاف في طرابلس بالتحضير للانتخابات، ولم يترشح رسمياً للمنصب الذي فُتح باب تقديم الطلبات إليه في 22 الجاري إلا ثلاثة من أعضاء كتلة «علماء
طرابلس».
وهم: الشيخ إمام، ورئيس لجنة الوقف والإمام المنفرد في مسجد الحميدي الشيخ وليد محمّد علوش، ورئيس دائرة أوقاف طرابلس الدكتور عبد الفتّاح ظافر كبارة، وهو «ترشيح تكتيكي» فسره كبّارة بكون «اثنين من المرشحين سينسحبان لاحقاً لمصلحة المرشح الثالث الذي سيتفقون عليه».
وإذا كانت أوساط مطلعة ترجّح أن يكون إمام هو الاسم المرشّح للتزكية، فإنّ الاسم الذي سينافسه سيكون رئيس محكمة طرابلس الشرعية الشيخ مالك الشعار، من غير استبعاد أسماء أخرى يحتمل أن تدخل المعركة لسبب أو لآخر، في ظلّ غياب أيّة معطيات حتى الآن توحي أنّ توافقاً ما سيحصل.
ومع أنّ القوى السياسية الرئيسية في طرابس من تيّار المستقبل، والرئيس عمر كرامي، والتكتل الطرابلسي، والرئيس نجيب ميقاتي، والجماعات والتيّارات الإسلامية، وغيرها، لم تعلن موقفها بعد، وهي لا تزال في دائرة الترقّب.
فقد أوضح إمام أن ترشيح كتلة «علماء طرابلس» لثلاثة من أعضائها «يستهدف رسم صورة جديدة ـــــ قديمة في التعامل مع هذا الأمر، الذي سينتج منه اختيار شخص واحد لتسلّم سدّة
الإفتاء».
وإذا لم يطرأ ما قد يدفع إلى تأجيل موعد الانتخاب، وهو احتمال لم تستبعد أوساط إسلامية حصوله، فإنّ المفتي الجديد سيخلف كلّاً من الرئيس عبد الحميد كرامي، وكاظم ميقاتي، وعبد الكريم عويضة، ونديم الجسر، ورامز الملك وطه الصابونجي.