وفاء عواد
يطوي عام 2007 آخر صفحاته اليوم، تاركاً رئاسة الجمهورية معلّقة في ذمّة السنة المقبلة، بعدما حمل التأجيل العاشر لجلسة انتخاب الرئيس العتيد تكريساً لاجتهاد تعليق المهل الدستورية، بترك المادة 74 من الدستور تقول الكلمة الفصل، بعيداً عن تعديل المادة 49 ومرسوم فتح الدورة الاستثنائية.
وإذا كان مصطلح «تعليق المهل» دخيلاً على الدستور، وبمثابة رأي «لا يشكّل سابقة أو عرفاً»، على تعبير مرجع سياسي وقانوني، فإن مصير جلسة 12 كانون الثاني المقبل محكوم بالسؤال: هل المادة 74 قادرة على إزالة الحواجز من أمام ترشيح قائد الجيش؟
لأن «الكباش الحاصل سياسي، لا دستوري»، ينأى المرجع بنفسه عن الدخول في متاهات «حفلة الزجل» التي ترسم معالم مصير الرئاسة، والمتّسمة بـ«خلط شعبان برمضان»، واضعاً كل ما يُحكى في خانة «اختراع العوائق الدستورية التي تنمّ عن التعقيدات السياسية».
من جهته، يصف رئيس مجلس شورى الدولة السابق، القاضي يوسف سعد الله الخوري، تعليق المهل بـ«الخطأ القانوني الكبير»، لأن المهل «تتعلّق بالانتظام العام، لا تسقط ولا تعلّق ولا تزول إلا بنصوص تشريعية»، و«لزوال هذه المهل، لا بدّ من تعديل الدستور، ما هو غير ممكن الآن»، مضيفاً: «من دون نص صريح، تبقى المهل قائمة. وتعديل الدستور غير جائز، حالياً، لا من جانب الحكومة، ولا عن طريق اقتراح قانون دستوري من المجلس النيابي».
ومستفيضاً في شرح مضمون المادة 74، يلفت الخوري إلى أن هذه المادة «تشرّع، فقط، لجواز اجتماع مجلس النواب، خارج إطار الدورات العادية والاستثنائية لانتخاب الرئيس». أما إذا اعتُمدت من دون إرفاقها بتعديل نصّ المادة 49 فـ«ذلك يعدّ سابقة خطيرة، تضفي على من يُنتخب صفة اللاشرعية الدستورية».
أما لماذا استحالة التعديل حالياً؟ فيجيب الخوري بأن «الحكومة تقوم بصلاحيات رئيس الجمهورية بالإنابة. وبحسب العلم والاجتهاد، فإن المرجع الذي ينوب عن الأصيل لا يستطيع أن يمارس من صلاحيات هذا الأصيل إلا ما هو عادي وضروري ولا بدّ منه لتأمين استمرارية المرافق العامة»، وتعديل الدستور «لا يدخل ضمن هذا المفهوم». وعلى خط المجلس النيابي، يرى الخوري أن المادة 75 تحوّل المجلس إلى هيئة انتخابية، فـ«لا يعود في وسعه أن يشرّع أو يعدّل أو يناقش أي أمر آخر».
ولذلك، يضع الخوري مشروع التعديل الحكومي في خانة كونه «صادراً عن مرجع غير مختصّ، وباطلاً بطلاناً مطلقاً»، والاقتراح الذي قدّمه نوّاب الموالاة في خانة «عدم جواز الاستمرار في بحثه، إلا في عقد آذار».
وحيال هذا الواقع، وبصرف النظر عن الأشخاص وسائر التجاذبات السياسية، لا يجد الخوري جواباً عن السؤال المتعلّق بمصير الرئاسة إلا التسليم بحتمية انتخاب رئيس للجمهورية من ضمن من «تتوافر فيهم الشروط العادية، ولا عوائق أمام انتخابهم».
وفي انتظار ما ستفصح عنه الجلسة الـ11، مع أرجحية أن لا تتعدّى نتائجها رقماً يضاف إلى لائحة التأجيل، يستغرب مصدر سياسي بارز تحوّل الدستور إلى مادة دسمة لـ«حكي التنّور»، مكتفياً بالتساؤل: هل يريدون العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية أم لا؟