نادر فوز
بعيداً عن التيارين الأساسيين اللذين يتصدران واجهة الصراع السياسي، لا يزال تجمّع «منبر الوحدة الوطنية» يطرح نفسه قوة ثالثة تنطلق من مواقفها ومبادئها لتقترح المبادرات الوفاقية بغية إخراج لبنان من الأزمات المتلاحقة في ظل غياب آذان تسمع أو أيادٍ توقّع «الاتفاقات».
خلال 2007، نشط أعضاء «منبر الوحدة»، على رأسهم رئيس الحكومة الأسبق سليم الحص، بين القوى السياسية والرئاسات الثلاث، عارضين مبادرات لإبعاد اللبنانيين عن خطر الحرب الأهلية الذي لاح شبحه في مناسبات عديدة مع اشتداد الأزمة. في ظلّ استكمال قوى المعارضة تحرّكاتها لإسقاط حكومة الرئيس السنيورة، أطل موقف «المنبر» المعارض لـ«العصيان المدني»، على اعتبار أنّ «الأوضاع لا يمكن أن تحلّ بطرق عنفية»، وأنّ هذا التحرك قد ينتج تبعات مهمة كما يقول عضو التجمّع الدكتور نسيم خوري. يضاف إلى هذا «دعم الرئيس الأميركي للحكومة العرجاء» الذي من شأنه، بحسب خوري، أن يكون حجر دعم للحكومة، «فلن يستطيع أي تحرك إرباكها».
ومع استمرار تعطيل المؤسسات الدستورية وغياب الحوار بين القوى اللبنانية بعد اشتداد الأزمة السياسية مع أحداث 23 و25 كانون الثاني 2007، أطلق «المنبر» ميثاق شرف بتاريخ 31 كانون الثاني 2007، دعا إلى التزام الميثاق الوطني وعدم اللجوء إلى أي نوع من أنواع الأسلحة، سياسية أو غيرها. ووقّع على هذا الميثاق كل من رؤساء الوزراء السابقين: رشيد الصلح، عمر كرامي، سليم الحص وميشال عون، فيما امتنع الرئيس نجيب ميقاتي. وفي إطار عرض هذه الوثيقة على القوى السياسية بمشاركة أطراف المجتمع المدني، واجه ممثلو «منبر الوحدة» مقاطعة التيارات الرئيسية في تجمّع 14 آذار: القوات اللبنانية، الحزب الاشتراكي وتيار المستقبل؛ فكان أن أُفشلت دعوة المنبر.
وعاد منبر الوحدة الوطنية إلى واجهة العمل السياسي في الأيام الأخيرة من تشرين الأول 2007، بعدما كان عمله خلال الفترة الممتدة ما بين كانون وتشرين مقتصراً على إصدار بيانات واتخاذ مواقف وعقد مؤتمرات صحافية؛ فطرح الرئيس الحص ومجموعة الشخصيات الملتفة حوله مبادرة تهدف إلى تأمين عبور آمن للاستحقاق، حتى في ظلّ الفراغ الرئاسي، فاقترح اتفاقاً بين الرئيسين لحود والسنيورة على تأليف حكومة وحدة وطنية بعيدة عن التجاذبات السياسية للإمساك بإدارة البلد في حال حصول الفراغ واستفحاله. ولمس التجمّع إيجابية من لدى الرئيسين لحود وبري، إلا أنّ موقف رئيس الحكومة نسف المبادرة.
فشل منبر الوحدة الوطنية في دخول الساحة السياسية الرسمية من باب الوساطة والتوفيق بين الأطراف، فغياب الثقة بين الطرفين المتنازعين والتدخلات الخارجية وضعف القوى الوسطية تقف عائقاً أساسياً أمام المنبر وغيره من القوى الثالثة، إضافةً إلى تعدّد الآراء فيها إلى حد التناقض أحياناً، علماً بأن الرئيس الحص يبقى الجامع المشترك بين مختلف الآراء.