إبراهيم عوض

خوجة: لا يمكن أن يصدر عن سوريا الا الخير للبنان

تابعت أوساط سورية مطلعة ما صدر عن مسؤولين وقادة في قوى الاكثرية من تصريحات وانتقادات تحمّل دمشق مسؤولية تعثر مساعي حل الأزمة اللبنانية والتي يقوم بها رئيسا مجلسي الأمن القومي السعودي بندر بن سلطان والايراني علي لاريجاني. ورأت ان ثمة من ذهب في مخيلته الى حد الاعلان عن وجود خمسة محظورات أبلغها لاريجاني الى الأوساط العربية والاقليمية تمثّل نسفاً لكل محاولات التسوية. وعدّدها كالآتي: قانون انتخاب خلال ثلاثة أشهر، انتخابات نيابية مبكرة خلال ستة أشهر، انتخابات رئاسة الجمهورية في موعدها، عدم إنشاء محكمة دولية قبل انتهاء التحقيقات، حكومة وفق صيغة 11+19، واعتبر ذلك نسفاً لكل الجسور التي توصل الى توافق.
ولاحظت هذه الأوساط ان هذا الموقف مهد له بحملة اعلامية مدروسة تظهر أن «قائد الاوركسترا» السياسية لفريق 14 آذار واحد، ما ان يصدر عنه «امر عمليات» حتى يجري تعميمه على الكبير والصغير فيه.
ولا تجد الأوساط السورية جديداً في ما طلعت به الاكثرية بخصوص التحرك الايراني ــ السعودي والتعاطي السوري ازاءه، وهي تدرجه في سياق سعيها لتأويل كل ما يصدر عن دمشق بهدف تشويه التوجه السوري واستغلاله تنفيذاً للتعليمات الاميركية والفرنسية وسعياً لزحزحة سوريا عن مواقفها الوطنية والقومية الثابتة. وتساءلت اذا ما كانت هناك مبادرة سعودية ــ ايرانية بالفعل حتى تخرج الاصوات متهمة سوريا بتعطيلها، لافتة الى ان دمشق لم تتبلغ حتى الساعة وجود مثل هذه المبادرة، وقد عبر عن ذلك صراحة وزير الخارجية وليد المعلم في حديث صحافي ادلى به أخيراً قال فيه ان هناك افكاراً يجري تبادلها بين الرياض وطهران، لا مبادرة بالمعنى المتعارف عليه للكلمة.
وعن الزيارة الاخيرة التي أجراها لاريجاني الى دمشق وما تردد عن إطلاعه المسؤولين السوريين على تفاصيل التحرك الذي يقوم به ونظيره السعودي لمعالجة الوضع اللبناني، أوضحت المصادر السابقة ان مجيء لاريجاني الى دمشق لم يكن الهدف منه البحث في الموضوع اللبناني تحديداً بل عرض حصيلة اللقاءات والمباحثات التي اجراها مع المسؤولين السعوديين عملاً بقاعدة التشاور المعتمدة بين دمشق وطهران. واوضحت المصادر أن الموضوع العراقي استأثر بالجانب الأبرز من هذه المباحثات نظراً لخطورة الوضع في العراق ومدى تأثيره لا على دول الجوار فحسب بل على المنطقة برمتها. كما أن زيارة المعلم لتركيا اول من أمس تصب في هذا الاتجاه وإن كان الموضوع اللبناني قد شمله البحث في اسطمبول مثلما في الرياض وطهران ودمشق.
وفيما شددت الأوساط السورية المطلعة على عدم وجود محظورات لدى الجانب السوري او شروط من جانبه في ما يخص المساعي الجارية لحل الأزمة اللبنانية، كررت تأييدها لكل ما يتوافق عليه اللبنانيون، مشيرة الى ان التوصل لقواسم مشتركة فيما بينهم هو الأساس لإعادة حال الاستقرار الى لبنان.
ورداً على سؤال عن عدم أخذ الاكثرية بالمقولة السوريةبشأن «عدم التدخل بالشؤون اللبنانية والموافقة على ما يجمع عليه اللبنانيون» رأت المصادر السورية المطلعة أن هذا الأمر عائد للفريق الذي لا يريد أو لا يرغب في ان يصدق ما نقوله، لأسباب باتت معروفة وبغرض الاستثمار السياسي ليس إلا. وروت هذه المصادر أن فرقاً عسكرية سورية عراقية جرى تأليفها أخيراً لمراقبة الحدود المشتركة بين البلدين ولمنع اي تسلل من الجانبين، الا أن المسؤولين الاميركيين وفور وقوع أي حادث أمني داخل الحدود العراقية يسارعون الى اتهام سوريا بالتسبب فيه من منطلق الابقاء على تشكيكهم بالدور السوري على غرار فريق الاكثرية في لبنان. وتمنت المصادر المشار اليها أن تُسأل الرياض أو السفير السعودي في بيروت عبد العزيز خوجة عما تشيعه السلطة وقادة من 14 آذار عن عرقلة سوريا للتحرك السعودي ــ الإيراني.
مصادر قريبة من السفير خوجة قالت لـ «الأخبار» ان لا علم له بحقيقة الموقف السوري في هذا المجال، ومن هنا يبدي حرصه على عدم الخوض في هذا الموضوع حتى لا يظلم أحداً في كلامه. الا انه ينظر الى الاشقاء السوريين بكل محبة وتقدير مؤكداً انه لا يمكن ان يصدر عنهم الا كل خير سواء للبنان أو لأي بلد عربي شقيق آخر. وفيما ابدى خوجة انزعاجه من محاولة تحريف بعض تصريحاته، أوضح ــ كما تنقل عنه أوساطه ــ ان ما قصده بقوله ان الطريق مسدود أمام ايجاد حل للمشكلة اللبنانية هو الإشارة الى ان الامور ما زالت تراوح مكانها ولم يطرأ عليها أي تبدل، معرباً في الوقت نفسه عن أمله بالتوصل الى حل معولاً في ذلك بصورة خاصة على سعي الطرفين المتنازعين في لبنان للخروج من الحالة الراهنة.