فاتن الحاج

ترصد الطالبة هيلدا مشرفية مشهد صناديق الخضر «المبعثرة» عشوائياً خارج المحال والعربات الممتدة على الطريق من منزلها في كفرشيما إلى الـ«AUST» حيث تدرس «التصميم الغرافيكي». يستوقف هيلدا «تفنّن» البائعين في كتابة «السعر» على لافتة من «فلّين» أو خشب لاجتذاب «الزبائن». تقرر أنّ التفاصيل «الشخصية» التي تميّز بائعاً عن آخر تستحق تجسيدها في لوحة فنية تشارك في مسابقة عالمية حول «التصميم المحلي» أو «Local design». تلتقط هيلدا صوراً فوتوغرافية للمشهد «الفوضوي» كما تقول. هنا صورة لقرط موز يتدلى من السقف، وهناك صورة أخرى لعربة زيّن صاحبها «لوحة» الأسعار بالزهور... لم تكتفِ هيلدا بصورة واحدة تنقل فكرتها، بل جمعت في إطار لوحتها مجموعة صور «تعكس المزيج «الشخصي» الفريد للبلد، للشارع»، على حد تعبيرها. أما ترتيب الصور فشرحه يطول، بحسب هيلدا، ويتطلب الغوص في تقنيات الفن التصميمي.
هيلدا واحدة من ستة طلاب في الـ«AUST» فازوا في مسابقة «Icograda» العالمية التي تحطّ رحالها هذا العام في الهند. ومنح الفائزون فرصة المشاركة في أسبوع «التصميم الغرافيكي» الذي تنعقد فعالياته بين 5 و9 شباط الجاري. يغادر الطلاب لبنان الأحد المقبل ويعودون في 13 شباط بعد تبادل الخبرات مع نحو 150 مشاركاً من 25 بلداً.
وكان الطلاب الفائزون قد عبّروا عن مفهومهم الخاص «للتصميم المحلي»، فخيار «المحلي» مفتوح وهو قد يعني البلد أو المنزل أو ربما الغرفة...، فيما تنوعت أساليب التعبير بين الخط الطباعي والرسم والتصوير الفوتوغرافي. لكنّ المسابقة اشترطت أن يكون إطار اللوحة مربعاً مائلاً بنسبة 45 درجة.
وقد اجتذب الطالب رامي بشارة، الذي كان يعيش في الخارج، اهتمام اللبنانيين باللغات فجمع في لوحته بين شغفه بالخط الطباعي وانسيابية الخط مع اللغات الأربع. حرف الـ«خ» بلونه الأخضر محاطاً بالشدة وهمزة الوصل يوحي لبشارة بالعربية و«è» يذكره بالفرنسية باعتبار أنّ الـ«accent» موجودة فقط في هذه اللغة. أما «g» بالأزرق فيرمز إلى الإنكليزية، في حين وقع اختيار الحرف الرابع على«التاء» بالأرمنية. يلخّص بشارة: «الخط الطباعي يجعلنا ننفذ إلى أبعاد أخرى للحرف وليس فقط البعد الذي نراه في اللوحة». وزياد ريشماني لم يستخدم التصميم بقدر التصوير الفوتوغرافي، إنما اللافت فكرة التناغم بين الطوابع البريدية اللبنانية التي تحمل أرقاماً عربية هي أصلاً أرقام هندية، في إشارة إلى البلد المستضيف. وتكتسي لوحة نانور غازار بعداً سياسياً، فغازار قررت أنّ تجمع اللبنانيين على اختلاف ألوانهم بواسطة «سحاب» يساهم عند إقفاله بتوحيدهم. ولدى سؤالها عن إمكانية الهدف، تقول: «هذا حلم وربما يكون السحاب طويلاً ويحتاج إلى وقت إضافي لإغلاقه». واستلهم سيلفان نصّار عمله من «مأساة» لبنان بعد 2005، فلعب على كلمة «party» التي قد تعني حفلة أو حزباً سياسياً ليقول إنّ الأحزاب السياسية الأساسية التي نزلت إلى ساحة الشهداء جعلت من الثورة حفلة. أما فرح عطار فقد استخدمت «الكولّاج» لتُكوّن لوحة تعكس الأبجدية، بعدما جمعت حروفاً بخط اليد.