بسام القنطار
وجّه 2500 عالم وخبير من مختلف جامعات ومراكز البحوث ودوائر الأعمال والجمعيات البيئية من أكثر من 40 بلداً، إنذاراً لا سابق له أمس، عن حجم التغيرات المناخية والمشاكل التي ستخلفها. وشدّدوا على مسؤولية الإنسان الأساسية في الاحتباس الحراري، مؤكدين أن حرارة الأرض سترتفع بين 1.8 وأربع درجات ومستوى البحار 58 سنتم في نهاية القرن الحالي

أصدرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ تقرير التقويم الرابع للهيئة «تغير المناخ 2007». وبعد مفاوضات في جلسات مغلقة استمرت أسبوعاً في باريس، نشر مجموعة الخبراء الحكوميين أمس ملخصاً موجهاً إلى أصحاب القرار وواضعي السياسات يقع في 21 صفحة ويشكل نتيجة ستة أعوام من عمل العلماء. وتم إقرار ملخص التقرير سطراً سطراً، في وقت متأخر من مساء الخميس، بموافقة المؤلفين الرئيسيين والخبراء وممثلي 130 دولة.
وشددت سوزان سولومون رئيسة مجموعة العمل العلمي لدى عرضها التقرير على أن «ثمة أدلة متقاطعة تظهر أن الاحتباس الحراري هو بشكل أساسي من فعل الإنسان». وهذه القناعة المؤكدة بنسبة 90% لم تكن يوماً بهذه القوة منذ أنشأت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية وبرنامج الامم المتحدة للبيئة في العام 1988 الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCCــ وارتفاع حرارة مياه البحار يؤدي إلى تمددها. وقد يرتفع مستوى المحيطات وفقاً لسيناريوهات مختلفة من 0.18 متر إلى 0.59 متر بحلول نهاية القرن الحالي (مقارنة مع الفترة من 1980 إلى 1999).
- وارتفاع وسطي للحرارة يتراوح بين 1.9 و4.6 درجات مئوية مقارنة مع ما كان قائماً قبل الحقبة الصناعية قد يؤدي إلى ذوبان الجليد كلياً في غرين لاند، ما يؤدي إلى ارتفاع في مستوى البحر بنحو سبعة أمتار.

التأثيرات

ــ يتوقع أن يسجل أكبر ارتفاع للحرارة في المناطق الطافية أو الواقعة على خطوط عرض مرتفعة، على أن تسجل أقل زيادة في جنوب المحيط الهندي وبعض مناطق شمال الأطلسي.
ــ وتظهر عمليات محاكاة تراجعاً في حجم الجليد في بحار القطب الشمالي وفي القطب الجنوبي كذلك، في كل السيناريوهات المتعلقة بالمناخ. وتظهر بعض هذه العمليات ذوباناً شبه كامل في القطب الشمالي نهاية فصل الصيف في الجزء الثاني من القرن الحادي والعشرين.

ظواهر قصوى

ــ «من المرجح جداً» استمرار موجات الحر القصوى وهطول أمطار غزيرة بشكل متزايد وأكثر انتظاماً.
ــ من «المحتمل» أن تصبح الأعاصير الاستوائية أكثر قوة مع رياح قصوى وهطول أمطار غزيرة.
ــ زيادة «مرجحة جداً» في كميات الأمطار المتساقطة في المناطق الواقعة عند خطوط عرض مرتفعة في غالبية المناطق الطافية شبه الاستوائية (حتى 20% تقريباً في 2100 وفق السيناريو «اي 1 بي» الأقرب من توقعات الوكالة الدولية للطاقة).
ــ من «المحتمل جداً» أن تتباطأ الدورة الحرارية في شمال المحيط الأطلسي خلال القرن الحادي والعشرين (أقل بنسبة 25% بشكل وسطي وفق عدة أنماط). لكن الحرارة ستستمر بالارتفاع في منطقة الأطلسي بسبب التأثير الأكبر للاحتباس الحراري.




10 آلاف دولار للطعن في نتائج التقرير!

كان الرئيس الفرنسي جاك شيراك أول رئيس دولة يعلق على النتائج، وقد دعا إلى «ثورة في الذهنيات وفي الاقتصاد وفي التحرك السياسي» لدى افتتاحه مؤتمراً للترويج لمشروع أطلقه عن الإدارة البيئية العالمية. ويستمر المؤتمر بحضور ممثلين عن خمسين بلداً. وسيوجه هؤلاء اليوم «نداء باريس» من أجل إقامة «منظمة للأمم المتحدة للبيئة» بحيث تكون إطاراً أكثر تماسكاً لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة الموجود حالياً. وعلقت منظمة «غرينبيس» على التقرير بالقول: «إذا كان تقرير المجموعة الأخير (عام 2001) دعوة إلى اليقظة، فإن هذا التقرير الجديد هو بمثابة صفارة إنذار».
وذكرت صحيفة «الغارديان» أمس أن مركز أبحاث أميركي عرض مبلغ عشرة آلاف دولار لعلماء وخبراء اقتصاد لنقض نتائج التقرير. وبعث معهد «ذي أميريكان انتربرايز انستيتيوت» الذي تموله مجموعة «اكسون موبيل» العملاقة رسائل إلى علماء في الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى وعرض عليهم مبالغ مالية في مقابل معلومات تؤكد وجود شوائب في الاستنتاجات الواردة في هذا التقرير. والولايات المتحدة هي أكبر مصدر للغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري. وقد قرر الرئيس بوش عام 2001 سحب بلاده من بروتوكول كيوتو قائلاً إن القيود التي تفرضها الاتفاقية على الانبعاثات ستضر بالاقتصاد. وتحارب إدارة الرئيس بوش مختلف العلماء الذين يحذرون من ظاهرة الاحتباس الحراري، وآخرهم جيمس هانسن الذي يرأس معهد جودارد لدراسات الفضاء التابع لوكالة ناسا.

«لسناعلى الطريق الصحيح»

على ضوء نتائج التقرير، أكد عالم المناخ الفرنسي جان جوزيل أن «الاحتباس الحراري أصبح حقيقة راسخة، كل ما يتحرك حولنا دليل على ذلك». وشدد جوزيل على أن «ارتفاع مستوى المحيطات 40 سنتيمتراً يعني اضطرار 20 مليون شخص إلى هجر أماكن سكنهم»، مشيراً إلى أن التغيرات المناخية لن تؤثر فقط على «الأجيال المقبلة فقط بل على الأطفال» في الجيل الحالي. وهذه المشاكل تثير القلق، وخصوصاً أنها ستستمر «لأكثر من ألف عام» على ما يفيد التقرير. ويؤكد جوزيل «أقل ما يمكن قوله هو أننا لسنا على الطريق الصحيح».
وشدد خبير المناخ هيرفيه لو تروت من المركز الوطني للأبحاث العلمية في فرنسا على أنه «في وجه التغيرات المناخية التي تتوقعها السيناريوهات المختلفة، فإن العامل الأساسي سيكون التصرف البشري»، داعياً الشركات الى «أن تأخذ في الاعتبار الكلفة البيئية للطاقة».
ويضيف «نحن أمام خيارين: مستقبل مع استهلاك كبير للطاقة سيكون من الصعب خلاله السيطرة على المناخ أو مستقبل يمكن من خلاله السيطرة على التغيرات بشكل أفضل. المهم الآن هو أن تترجم استنتاجات الخبراء الى نقاش سياسي فعلي».