عمر نشابة
يتابع القضاء العسكري دراسة العديد من الملفات في قضايا الشغب وإطلاق النار و«القنص» التي وقعت الاسبوع الماضي. في هذه الأثناء وجهت اتهامات الى قوى الأمن بالانحياز الى «قوى 14 آذار» بوجه قوى المعارضة

ظهر أمس، على شاشات التلفزيون، شريط مصوّر لأحداث الشغب وإطلاق النار والاشتباكات، في منطقة المدينة الرياضية والجامعة العربية في بيروت، التي وقعت يوم الخميس الماضي. يظهر في المشهد أشخاص باللباس المدني يختبئون خلف السيارات ويطلقون النار بين الحين والآخر بشكل يبدو عشوائياً. واللافت في الشريط الذي بثّته قناة «المنار» التلفزيونية هو ظهور رجلين بلباس قوى الأمن الداخلي المميّز على مقربة من مطلقي النار. ما زادشكوك بعض المواطنين من انحياز قوى الأمن الداخلي الى مجموعة من المتشابكين على حساب أخرى. وكان العديد من المسؤولين السياسيين المعارضين قد عبّروا في الآونة الأخيرة عبر وسائل الإعلام، عن اصطفاف قوى الأمن، وبشكل خاص فرع المعلومات، الى جانب «قوى 14 آذار» في مواجهة قوى المعارضة. كما ذكرت مصادر في «التيار الوطني الحرّ» أن أحد مناصري التيار، ويدعى مارون الحايك (17 سنة)، تعرّض للضرب في مدينة زحلة على يد عدد من الأشخاص من بينهم أحد عناصر قوى الامن الداخلي يوم الاربعاء الماضي. إضافة الى ذلك ذكرت «الأخبار» في عدد أمس، نقلاً عن قادة من المعارضة، أن ثمة علاقة بين فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي والأشخاص الموقوفين بأعمال الشغب وإطلاق النار والتقنيص.
في حديث إلى «الأخبار» أكّد المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي أن المؤسسة التي يديرها هي على مسافة واحدة من جميع المواطنين وأنه لن يتساهل مع أي عنصر أو ضابط يقوم بعمل مخالف للقانون. ونفى نفياً قاطعاً مشاركة أي من عناصر قوى الامن بأعمال الشغب أو إطلاق النار أو التقنيص. وقال إنه شاهد نسخة عن الشريط التلفزيوني الذي يظهر فيه عناصر قوى الامن وأكّد أنه طلب التدقيق التقني بالشريط بحسب معايير التحقيق الفنّي وإرساله الى شعبة التفتيش والتحقيق والى النيابة العامة التمييزية التي فضّلت أن تتابع المحكمة العسكرية هذا الملف. وقال ريفي إنه إذا تبيّن أن أياً من عناصر أو ضبّاط قوى الامن قام بعمل مخالف للقانون فستؤخذ بحقّه عقوبات مسلكية اضافة الى العقوبات التي يفرضها القضاء العسكري.
وشرح ريفي لـ«الأخبار» أن دور قوى الامن خلال أعمال الشغب والاشتباكات يوم الثلاثاء والخميس الماضيين كان دوراً ثانوياً، إذ إن قوى الجيش هي التي كانت مخّولة معالجة الاشتباكات والشغب بينما كانت قوى الامن مساندة لها.
أما في ما يتعلّق بما تردّد عن حمل بعض مثيري الشغب ومطلقي النار و«القنّاصين» أوامر مهمّة أو بطاقات تسهيل مرور صادرة عن فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي أكّد اللواء ريفي أن قوى الامن لا تصدر «أوامر مهمّة» لأي مدني، كما أنها لا تصدر رخص حمل سلاح التي تصدر عن وزارة الدفاع الوطني حصراً. أما بطاقات «تسهيل مرور»، فهي لا تسمح قطعاً لحامليها بحيازة أو نقل أو استخدام السلاح. وأضاف ريفي إن حاملي بطاقات «تسهيل مرور» يخضعون للقانون ولا تخوّلهم هذه البطاقات أي صلاحايات استثنائية على الحواجز الأمنية. وأنهى بالقول إن هذه البطاقات مجرّد مستند «شكلي» الهدف منه تشجيع المواطنين على مساعدة قوى الامن على كشف الجرائم وجمع المعلومات المتعلّقة بالتحقيقات الجنائية وتهديد الأمن والاستقرار.
وكان قد صدر عن شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن توضيح جاء فيه انه «نتيجة التنسيق والمتابعة مع كل المراجع الأمنية والقضائية لم يتبين لها أن أياً من الذين أوقفوا بتهمة إطلاق النار والاعتداء على المواطنين والقوى العسكرية بحوزتهم بطاقات أمنية أو حتى أوراق تسهيل مرور تعود الى فرع المعلومات، وما الهدف من هذه الأخبار سوى تضليل الرأي العام في شأن واقع الأمور وحقيقتها بغية النيل من سمعة مؤسسة قوى الأمن وإرباكها وتحويلها عن المهمات الأساسية التي وجدت لأجلها ، فضلاً عن تصوير أدائها وكأنه مع فريق ضد آخر».
القضاء العسكري
من جهة أخرى، لا يزال قضاة التحقيق العسكري ينتظرون من الأجهزة الأمنية تزويدهم بمجمل المعلومات والصور الملتقطة لمطلقي النار ومرتكبي أعمال الشغب في الأحداث الأمنية التي وقعت في محيط الجامعة العربية في الأسبوع المنصرم، بغية التحقّق مما إذا كان بينهم من جرى توقيفه حتّى الآن وأحيل عليهم أم إنه لا يزال متوارياً عن الأنظار. وفي هذه الأثناء، استمرّ مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي جان فهد في استلام المزيد من الموقوفين ومحاضر التحقيقات الأولية معهم لاتخاذ الإجراء القانوني المناسب بحقّهم بحسب أفعالهم وما هو منسوب إليهم. وتسلّم فهد 33 ملفاً جديداً لثلاثة وثلاثين شخصاً وباشر بدرس ملفات ستة منهم، فيما ترك 11 موقوفاً آخرين. وادعى القاضي فهد على ثمانية موقوفين في أحداث بيروت، بجرم ارتكاب الجنايات على الناس والنيل من سلطة الدولة وهيبتها والتعرّض لمؤسّساتها المدنية والعسكرية، والحضّ على إثارة الاقتتال المذهبي، وإثارة الحرب والتقتيل والتخريب وحيازة الاسلحة، وهي تُهم تصل عقوبتها إلى الإعدام. وقد استجوب قاضي التحقيق العسكري الأول رشيد مزهر والقاضيان سميح الحاج وعدنان بلبل هؤلاء الثمانية وأصدروا مذكرات توقيف وجاهية بحقّهم.