مثّل اللقاء الأول لمجلس العلماء في لبنان الذي دعا اليه مفتي الجمهورية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني وعقد في دار الفتوى أول من أمس بحضور أكثر من مئة عالم ومرجع ديني من كل المناطق «مفاجأة» لكل من المدعوين أنفسهم وللأوساط السياسية المتابعة الذين لم يتوقعوا إنشاء المجلس المذكور بهذه السرعة، وإن كان التداول بشأنه قد جرى قبل أشهر في سياق الحديث عن وجود وقف خاص برابطة العلماء. وفيما أبدى علماء شاركوا في الاجتماع ترحيبهم بمبادرة المفتي التي وصفوها بالخطوة الأولى التي تمهد لتوسيع اللقاء وإعداد نظام خاص به يمكّنه من القيام بمهماته على أكمل وجه، تساءلوا عن سبب عدم شمول الدعوة مشايخ وعلماء مشهود لهم بالعلم والمعرفة الأمر الذي حمل أحد الحاضرين على إثارة مسألة التعريف بالعالم وتحديد مواصفاته. كما أعرب هؤلاء العلماء عن تمنياتهم بألّا يُصار الى إقحام المجلس الوليد في النزاعات السياسية الدائرة على الساحة اللبنانية او استغلاله لتغليب فريق على آخر.
وقد أعرب المفتي قباني عن سروره بإنشاء هذا المجلس الذي لطالما راودته أمنية تأليفه والتئامه في عهده، شارحاً الأهداف المرجوة منه وهي إتاحة مجالات واسعة للعلماء للتعاون والعمل المثمر من أجل تعزيز دور ورسالة العلماء في المسجد والحياة والأسرة والمجتمع، وقيامهم بواجب الرسالة والدعوة الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والتوعية العامة بالإسلام وقيمه ومبادئه وأخلاقه وأحكامه وحكمته وشريعته.
وكان مجلس العلماء أفتى في ختام اجتماعه الاول بـ«حرمة التقاتل والاعتداء على الأشخاص والممتلكات العامة والخاصة».
ومن المقرر أن تؤلّف في المناطق مجالس علماء بحيث يرأس مفتي المنطقة مجلس العلماء الخاص بها. وأعلن قباني تعيين رئيس المحكمة الشرعية السنية العليا في بيروت الشيخ عبد اللطيف دريان نائباً لرئيس مجلس العلماء في لبنان.
وفي هذا السياق، رحب مفتي زحلة وجبل لبنان الشيخ خليل الميس ومفتي صور ومنطقتها الشيخ محمد دالي بلطة بفتوى المجلس. وأيد إمام مسجد عيسى بن مريم الشيخ حسام العيلاني تأليف مجلس العلماء في لبنان محذراً من «التطاول على مرجعية المسلمين الممثلة بسماحة مفتي الجمهورية اللبنانية».
من جهته رأى عضو تجمع العلماء المسلمين في لبنان الشيخ مصطفى ملص «أن الفتوى التي صدرت عن دار الإفتاء في شأن تحريم التقاتل والاعتداء على الأشخاص والممتلكات جاءت متأخرة جداً».
واوضح ملص لـ «الاخبار» انه «لم توجه إليّ الدعوة لحضور الاجتماع المذكور، او الاجتماع الذي عُقد قبل ايام في دائرة اوقاف طرابلس، على غرار ما حصل مع مشايخ وعلماء وخطباء آخرين في الشمال لم توجه اليهم الدعوات، التي تتمّ على ما يبدو بصورة انتقائية». وسأل: «ممن يتألف مجلس العلماء، وهل هو مؤسسة رسمية تعمل تحت اشراف دار الفتوى، ام هو هيئة خاصة تضمّ رجال الدين السالكين سبيل «تيار المستقبل» و14 شباط؟ فإذا كان هيئة خاصة فهذا شأنهم، ولكن عندها يجب ان يعقدوا اجتماعهم في قريطم؛ اما اذا كان المجلس مؤسسة تابعة لدار الفتوى فاننا نسأل عن المعايير التي اعتمدت في اختيار اعضائه، وما هي الكفاءات التي اشترطت لعضويته، وما هي الآلية التي يعمل من خلالها؟».
ونبّه ملص «القائمين على الشأن الديني لمذاهب اهل السنّة والجماعة في لبنان الى خطورة السلوك والسياسة المعتمدة لديهم اليوم، وهي سياسة منح الولاء لجهات سياسية معينة مدعومة من جهات خارجية معادية او عربية مشبوهة، على حساب الاتجاهات الاسلامية السنّية الاخرى من اللبنانيين؛ فمثل هذه السياسة تفقد دار الفتوى دورها المرجعي، عدا عن ضرورة ارتفاعها فوق مستوى الخلافات بين ابناء المذهب الواحد، بل وبين المسلمين واللبنانيين جميعا»
من جهة أخرى، بحث المفتي قباني، في اتصالين هاتفيين أجراهما أمس، بنائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان وشيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ نعيم حسن الأوضاع الجارية في لبنان وتشاور معهما في عقد لقاء عام في دار الفتوى للعلماء والمشايخ السنة والشيعة والدروز لـ«توعية اللبنانيين من مخاطر الانقسامات والتفرقة في حياتهم اليومية العامة، ولتعزيز قيم المحبة والتسامح والتعاون التي حضت عليها الرسالات السماوية». كما تم خلال الاتصالين الهاتفيين التشاور في التوصل مع المرجعيات الدينية المسيحية إلى عقد قمة روحية إسلامية ـ مسيحية.
(الأخبار)