عمر نشابة
إن أماكن التوقيف والسجون اللبنانية، كما ظروف التوقيف ووسائل نقل الموقوفين والسجناء في لبنان، لا تتناسب مع المعايير الإنسانية والمهنية الدنيا التي كان لبنان قد تعهّد الالتزام بها عبر إقراره معاهدات دولية بهذا الخصوص، وعبر إدخال الفقرة «ب» على مقدمة دستوره التي تذكر بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ويرى البعض أن الحديث عن احترام الدستور والاتفاقات الدولية كلام وجدانيّ يدخل في خانة الطوباوية... حسناً، فلنركّز أوّلاً على قانون أصول المحاكمات الجزائية والمادة 402 منه تحديداً: «يتفقد كلّ من النائب العام الاستئنافي أو المالي وقاضي التحقيق والقاضي المنفرد الجزائي، مرة واحدة في الشهر، الأشخاص الموجودين في أماكن التوقيف والسجون التابعة لدوائرهم. لكل من هؤلاء أن يأمر المسؤولين عن أماكن التوقيف والسجون التابعين لدائرة عمله بإجراء التدابير التي يقتضيها التحقيق والمحاكمة». والهدف من ذلك تقويم كيفية تنفيذ العقوبة ووضع الأمور في سياقها المناسب. فالعقوبة التي تصدر عن المحكمة محدّدة في القانون ولا تتضمّن الإهانة والذلّ والتحقير... بل يعاقب القانون من ينتهك كرامات الناس، حتى لو كانوا مذنبين. فلماذا لا يزور القضاة السجون كما تفرض عليهم المادة 402 من قانون أصول المحاكمات؟ هل لأنهم يخشون أن تنتج زيارتهم عن شعورهم بالذنب كلّما أصدروا حكماً بالسجن؟