فداء عيتاني
«بارقة أمل» في صفوف الحلفاء والمقربين هي «جبهة العمل الإسلامي»، كما يصفها أحد المقربين من الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، ممن عملوا طويلاً لدعم هذه الجبهة من بعيد، وهي لم تكن في حاجة إلى أكثر من الدعم المعنوي، وبخاصة أن رئيسها الداعية فتحي يكن معروف بموقفه الرافض لكل أشكال الدعم، المباشرة وغير المباشرة، مادياً أو غيره، وهو طالما كان يطمح إلى بناء الجبهة بقواها الذاتية، وهو ما بدأ يصبح ملموساً في الفترة الأخيرة. كما أنه معروف بصراحة مواقفه، حتى تجاه «حزب الله» حين يلمح اعوجاجاً في مسار الأمور، وربما هذا ما يدفع الحزب إلى الارتياح والركون إلى الجبهة أكثر من أطراف إسلامية ووطنية أخرى، بينما تقول مصادر في الجبهة إن ما يجري هو طبيعة الأمور، «فنحن حلفاء للحزب ولسنا موظفين لديه أو لدى غيره».
تتوسع جبهة العمل في أطرها الخاصة، وتنمو بهدوء وسط جو عاصف، يرفدها شبان من أمثال الشيخ بلال شعبان والشيخ عبد الناصر جبري وغيرهما من الأكثر ديناميكية، وإن كان الإطار العام للجبهة لا يصيب كل الجمهور الذي تفترض أنه جمهورها، إلا أنها بدأت تستقطب مزيداً من الشبان والكوادر في المناطق.
في الليلة قبل الماضية سهر نصر الله ويكن معاً. الحوار العميق بين الرجلين، الذي يستغرق عادة ساعات طويلة، تمحور أساساً حول يوم 14 شباط. فدعا يكن إلى التنبه، وعدم الاكتفاء بالتصاريح والمعطيات الإيجابية. وتوضح مصادر في قيادة الجبهة أن مئات من الشبان استقدموا إلى بيروت في الأسابيع القليلة الماضية، بحجج مختلفة، ويمكن أن يشاركوا في أية اضطرابات أو معارك دموية.
نصر الله أكد ليكن أن ما أعلنه في الأيام الأخيرة من عاشوراء هو الموقف والاتجاه الفعليان لـ«حزب الله»، كما أنه يعلم جيداً أن حلفاءه في المعارضة يرون الرأي نفسه بضرورة التهدئة وعدم الانجرار إلى العنف. إلا أن يكن ينبه إلى أن هناك من ينصب فخاً في يوم 14 شباط، وسيحاول جر لبنان إلى مصير العراق، وهو يراه في لبنان «ممثلاً بسمير جعجع ووليد جنبلاط». ويقول المصدر في قيادة الجبهة إن في فلسطين أيضاً ثنائياً يجرها إلى مصير العراق، ويترك التسمية لأصحاب الشأن هناك.
يعتقد الرجلان أن نجاح حركتهما في لبنان قد يؤسس حالة متكاملة مع بقية الدول العربية. لا يغتران بواقع النجاح، بل يريان أن لبنان يعطي المثال، ويمكن عبر إعلامه وعلاقاته، وبخاصة العلاقات المميزة للجبهة الممتدة من العراق إلى فلسطين إلى مصر وسوريا، أن يعمل على نشر تحالف القوى الإسلامية، وضرب مشروع الفتنة السنية ــ الشيعية في المنطقة. إلا أن بدء الانطلاق من لبنان نحو الخارج العربي يشترط نجاحاً في لبنان، وبالتالي يستوجب تجاوز مجموعة من العقبات السياسية التفصيلية والكبيرة المتراكمة، ليس فقط أمام الحزب والجبهة، بل أيضاً أمام المعارضة اللبنانية، وصولاً إلى النظام اللبناني بأكمله ربما.
ما يحلم به الرجلان هو «جبهات» للعمل الإسلامي في المنطقة تلغي الوضع الشاذ للحركات الإسلامية في العراق وفي سوريا، والتحاق هذه القوى بالمشروع الذي يمثله الإسلاميون في لبنان ومصر وفلسطين.
وما كان يبدو بعيد المنال في العمل الإسلامي يبدو اليوم أقرب إلى الواقع، وخصوصاً مع حركة الانتخابات الداخلية في «الجماعة الإسلامية» التي ذهبت بمن ذهبت، وأتت بمن أتت، وفيما وصلت إلى المرشد العام لحركة «الإخوان المسلمين» في العالم مهدي عاكف رسالة من الداعية يكن عن موقف الإخوان من عدد من القضايا العربية الرئيسية، ومن ضمنها انعكاس هذا الموقف في لبنان، فإن جواب الجماعة في لبنان يفترض أن يكون بين احتمالين يضعانها إما في التوجه العام للحركة، وإما خارج إطار العمل الإسلامي، وهو ما يمكن تسميته بمواجهة الجماعة لدعوة الالتزام بالسياق التحرري لحركة الإخوان المسلمين في العالم.