ثائر غندور
ما زالت الجامعة اللبنانية ترفد مجتمعها بمحاولات وتجارب لتجاوز الواقع الطائفي. «نحن» مجموعة خرجت من رحم «كلية الآداب»، وقرّرت أن «تُبدع»، بتمويلها الذاتي، نشاطات «مختلفة». واليوم، يعيش مؤسّسوها حلم التحوّل إلى حركة سياسية علمانية تحت اسم «وطن»

«نريد حكومة نظيفة». هذا هو الشعار الأول الذي يخطر في بالك عندما تسمع بكلمة «نحن». لكن مجموعة «نحن» سبقتالمعارضة اللبنانية بأربع سنوات، وقد تأسّست في شباط 2003 في كلية الآداب والعلوم الانسانية في الجامعة اللبنانية وستتحول إلى حركة سياسية في شباط 2007. أربع سنوات نظمت خلالها «نحن» نشاطات عدة شكّلت كليات الجامعة مسرحاً لها.
تعترف «نحن»، بعدم قدرتها على مواجهة الماكينة الإعلامية لـ«نحن» المعارضة اللبنانية، ما دفعها إلى تسجيل نفسها تحت اسم مختلف «وطن» (وحدة طلابية ناشطة). يبحث أعضاء المجموعة الصيغة القانونية المناسبة لواقعهم، فهم يريدون الجمع بين التنظيم السياسي والمنظمة غير الحكومية، ويتوقع حسم هذا النقاش يوم الثلاثاء المقبل، لكن الأرجح أن تُسَجَّل وفق قانون الجمعيات اللبناني الذي يرعى تنظيم الأحزاب والجمعيات. كما قرّرت «نحن» توسيع نشاطها الجامعي ليطال عدداً من الجامعات الخاصة، وخصوصاً «القديس يوسف»، «الأميركية» و«اللبنانية الأميركية»، إضافة إلى الفروع الثانية للجامعة اللبنانية. ويرى أحد مؤسسي المجموعة، محمد الأيوبي، أن الانتشار ليس قراراً يتخذه أعضاء المجموعة، بل هو نتيجة طبيعية للمثابرة على العمل والتواصل مع الشباب اللبناني الذي يحتاج لمنبر يعبّر عنه عن شكل النظام اللبناني.
وتحدّد «نحن» في ورقة مبادئها الهدف من وراء إنشائها الذي يتمثل بـ«بعث نهضة فكرية وفنية وعلمية، والتوعية حول مفاهيم المجتمع المدني». وكانت قد أنشئت المجموعة في عام 2003 بسبب افتقار الجامعة اللبنانية لأندية ثقافية، موسيقية، سينما.
وشكّل العام الدراسي 2005ــ 2006 محطة أساسية في حياة المجموعة التي استثمرت بدء التدريس في أول مجمّع جامعي للجامعة اللبنانية في الحدث، عبر إقامة سلسلة من حفلات فنية ونشاطات «يوم مفتوح» (Open Day)... ما ساهم في انتشارها في كليات الفروع الأولى. ويعزو الأيوبي أسباب التركيز على الفروع الأولى بتعذر خلق صلات مع كل الفروع بسبب ضعف الإمكانات المالية. وغالباً ما يكون التمويل عاملاً حذراً في المجموعات الشبابية ــ السياسية، «لكننا شفافون» يقول الأيوبي، ويضيف: «نعتمد على قدراتنا الذاتية وعلى «Sponsers». والتمويل من مصادر أميركية «غير محبّذ» كما أن الشرط الأساسي لقبول الدعم هو عدم ربطه بشروط سياسية، «وقد حاولت قوى سياسية عدّة دعمنا لأهداف سياسية لكننا رفضنا».
الانتساب إلى «نحن» بسيط جداً، يشترط الموافقة على المبادئ العامة التي تتلخّص بالعمل على خلق مجتمع مدني يتساوى فيه المواطن في الحقوق والواجبات أمام الدولة بغض النظر عن مذهبه وجنسه، والانتماء للوطن لا للطائفة. أمّا الوسيلة لتحقيق هذه المبادئ فتتم عبر قانون مدني إلزامي للأحوال الشخصية، ورفض التوريث السياسي والمحاصصة والواسطة ومحاربة الفساد في المؤسسات الرسمية، إضافة لانتخابات على أساس البرنامج السياسي والكفاءة ضمن لبنان دائرة واحدة باعتماد مبدأ النسبية ونشر ثقافة المقاومة الوطنية التي لا تقتصر على فئة واحدة. وترفض «نحن» اعتبار الدين مادة جامدة مستقلة عن الظروف الاجتماعية. «فالدين وجد لخدمة الإنسان، وإذ نمتلك اليوم من العلوم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ما يمكننا من تنظيم المجتمع وسيره وتطويره، ومن الفلسفات والأديان المتنوعة ما تطرح تفسيرات مختلفة للظواهر التي لم يحسم العلم أمره فيها بعد، نشجع على إعادة النظر في جميع الفلسفات والأفكار الماورائية من زاوية المنطق».
أمّا في السياسة الداخلية اللبنانية، فحدّدت «نحن» موقفها من خلال بيان وزعته أخيراً ورأت فيه أن النظام الطائفي يحاول إعادة تجديد ذاته من خلال «حكومة الوحدة الوطنية». وأشارت إلى أنه في غياب المواطنية يبقى الشعب اللبناني مجرد أرقام، والحلّ «بمجتمع مدني مقاوم لأي ارتهان فئوي أو خارجي».
وبذلك تصنّف «نحن» نفسها معارضة للنظام الطائفي بأكمله، وتعمل على إنجاز روزنامة عملها للعام الحالي في مواجهة ارتفاع مستوى المذهبية والعصبية وانفلات الوضع الأمني، كما تريد إنجاز تحوّلها من مجموعة طلابية إلى حركة سياسية منظمة، فهل تنجح؟