نادر فوز
بالقرب من مبنى سينما بيروت سابقاً، وقف جاد حاملاً لافتةً دوّن عليها: «تمهّل شباب حريص عليك وعالوطن على بعد 50 متر»، تلاه آخر أشارت لافتته إلى «هيدا مش حاجز إنما اعتصام، ما بدنا هويّتك بس شوية إهتمام». على بعد عدة أمتار حركة قوية لعدد من الشبان يوزّعون بعض البيانات. عند «درج الدومتكس» عدد آخر يحمل اللافتات وسط بث لأغاني زياد الرحباني وخالد الهبر. ليسوا من محبي «الحياة في المزارع»، بل ممن يقول «كلّما الطائفية شي عار، تبقى العلمانية شعار»؛ إنه اعتصام لاتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني، يحتجّ من خلاله على الجو العام الشبيه بانطلاقة حرب أهلية جديدة.
جاء في البيان الذي وزّعه شبان «الاتحاد» «المشكلة الأساس تكمن في طبيعة نظامنا السياسي المولّد للأزمات بسبب طبيعته الطائفية ــ التحاصصية». فطالبوا بإصلاحلات سياسية واقتصادية واجتماعية «تبدأ بإقرار قانون انتخابي جديد يعتمد على النسبية وخفض سن الاقتراع»، وذلك بهدف «بناء وطن ديموقراطي علماني يكفل ويحمي حقوق الجميع».
وقد رأى عربي العنداري، أمين السر العام في «الاتحاد»، أنّ التحرك جاء للتعبير عن رفض النظام التحاصصي والطائفي ونتائجه «أي الأزمات المتتابعة والحروب الأهلية المتلاحقة». وأوضح العنداري أنّه من خلال الاعتصام، يريد قسم من الشباب اللبنانيين الموجودين في لبنان، والذين لا يتمثّلون في كانتونات طائفية ولا مجمّعات مذهبية، إيصال ثلاث رسائل للرؤساء الثلاثة: «هل يرى الرئيس لحود، الذي من شأنه أن يرعى تطبيق الدستور، أنّ الدستور يطبّق فعلاً؟»، «هل يعتقد الرئيس برّي، صاحب المبادرات والتسويات، أنّ هذا النظام قادر على تحمّل المزيد منها؟»، «هل يعرف الرئيس السنيورة، الذي يقول إنّ البلد والشغل ماشيان، إلى أين لبنان ماشي؟».
أما الرسالة الأهم، حسب العنداري، فهي تلك التي تعني الشباب اللبناني وهو النضال الشبابي الموحّد جنباً إلى جنب، لعلّهم يدركون أنّ «مصالحهم وحقوقهم واحدة». وقد رفع بضع عشرات من «الرفاق» المشاركين في الاعتصام: «يا شباب الوطن الواحد اتّحدوا»، «ما بدنا نعيش بمزرعتكم»، «يا محبّي الحياة كرّهتونا إياها»، «بما إنو النظام مش عم يمشي غيّر له النظام»، وغيرها من الشعارات التي اعتاد الشباب اليساري على رفعها في تحركاته، والتي تتعلّق بالعلمانية والمطالب الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والثقافية.
وجرى عرض لبعض الصور عن الحرية أظهرت تجمّعي 8 و14 آذار مع تعليق «حرّ تكون معي وإلا...»، والوحدة الوطنية «كل وحدة لحالها»، والفقر «يوحّدنا»، والماضي (حرب الـ75) الحاضر (الاشتباكات الأخيرة) والمستقبل «يبقى لنا أن نحدده، إضافةً إلى صورة لطاولة الحوار كتب تحتها «حبّوا أو لا تحبوا بعض، المهم ليس على حسابنا».
استمر الاعتصام من الساعة الرابعة من بعد ظهر أمس حتى الساعة الثامنة مساءً، وسط انهمار الأمطار واهتمام المارّة وتمترس رجال الأمن الداخلي ومخابراتهم قرب مقهى «الويمبي» على الضفة الأخرى من «الدومتكس».