هلّلوا أيها اللبنانيون
  • فايز فارس

    منذ عقود ونحن نعيش في هذا البلد الصغير على وقع الأزمات خلافات ونزاعات على السلطة من أجل المناصب والمغانم والمكاسب تكريساً لزعامات تافهة وقيادات هشّة تستخف بهذا الشعب المسكين التائه بحثاً عن هوية وانتماء إسوة بكل شعوب الأرض. منذ عقود ونحن نعيش في دولة «اللانظام».. دولة المحاسيب والأزلام والأتباع وقد أمعنوا في ردعنا بقوة عن بناء وطن حقيقي ومجتمع متقدم، مجتمع العدالة والمساواة. وقتلوا كل لبناني حاول أو جرؤ على كشف الحقائق المرّة وطرح البدائل.
    يتاجرون بالدين والطائفة بعدما خسروا الوطن في بورصة الأمم الحرّة. ويقامرون بما تبقى من أهله وكأني بهم يقتصّون منهم بسبب تمسّكهم بما تبقى لهم من قيم وتاريخ. وكما أخافونا فأقنعونا في الماضي القريب بأن «المسلم» يطمح إلى رمي «النصراني» في البحر.. يريدوننا اليوم أن نقتنع ونخاف من أن «الشيعي» يسعى إلى السيطرة على الدولة والتحكم بمصير البلاد والعباد في لبنان. ويهوّلون علينا «بعرقنة» لبنان بعدما «تلبنن» العراق. بالأمس البعيد كان علينا أن نخاف من هلال سوري خصيب، واليوم علينا أن نخاف من هلال شيعي مخصّب، بينما الواقع يشير إلى قيام هلال أميركي عقيم قاحل.
    أيها الناس، أيها المؤمنون: هل تعلمون أن تسعين في المئة من نوابنا ووزرائنا وقادة أحزابنا والمحاطين بهم من مستشارين وإعلاميين.. هم خريجو جامعات لبنان وأوروبا وأميركا، أساتذة في القانون والإدارة والاقتصاد والطب والهندسة وغيرها من العلوم المتقدمة ومجازين في الأدب والتاريخ والجعرافيا والتربية والتعليم والفنون الجميلة؟
    يبدو أنكم، يا قادة يا زعماء، قد دمّرتم عن معرفة أو غير معرفة، تقريباً كل شيء في هذا البلد. ولم يبق لنا، نحن عامة الناس، سوى عودة كل فرد على حدة إلى ذاته الانسانية أو ما تبقى منها وجمع ما أمكنه وتيسّر له من بقية إحساس بالآخر وقدرة على التضامن مع الآخر وروح مؤمنة بالله وبلبنان. وحتى نتمكن من ذلك، علينا على سبيل المثال لا الحصر العودة وبكل بساطة إلى الاستماع إلى أغاني فيروز والرحابنة ومن مشى على خطاهم، لأنها واحدة من «الأشياء» التي بقيت غير قابلة للتدمير. وبالله عليكم أعذروني على بساطتي وسذاجتي.



    الدور التاريخي للجيش اللبناني

  • علي كلاكش

    هل من نافذة (ولا نقول طريقاً) للخروج من هذا الوضع اللبناني المأزوم؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال، علينا أولاً أن نضع «خلفية ما» وراء الحل العتيد. فهذه الخلفية هي أن هناك أزمة ثقة عميقة بين اللبنانيين. هناك توافق على كل شيء واختلاف على كل شيء (إنها الحالة اللبنانية الفريدة، هل تذكرون؟!). انطلاقاً من هذه الخلفية، يمكن القول إن الجهة القادرة على معالجة هذه الأزمة وايجاد الحل وضمان تنفيذه هو الجيش اللبناني فقط، وذلك من طريق قيام حكومة عسكرية مؤقتة. فالجيش اللبناني أثبث بحق أنه جيش وطني وأنه لكل اللبنانيين، وأيضاً هو على مسافة واحدة من الجميع، وأنه قادر، الى حد ما، على فرض القانون، وهو يتمتع باحترام كل القوى السياسية، والأهم من ذلك أنه يتمتع بتقدير كبير عند الشعب اللبناني كله. عند قيام هذه الحكومة العتيدة، عليها مباشرة الخطوات الكفيلة بإعادة الحياة الى طبيعتها وفرض القانون وتحكيم الديموقراطية ومن ثم إجراء انتخابات نيابية مبكرة يتمخّض عنها مجلس نيابي شرعي تُراعى فيه صحة التمثيل والعيش المشترك، بحيث تكون أولى مهمات هذا المجلس انتخاب رئيس جديد للجمهورية ومن ثم قيام حكومة اتحاد وطني. فالتاريخ اللبناني المعاصر أثبت أنه عند الأزمات والاضطرابات، كان الجيش هو وحده القادر على فرض القانون. ففي عام 1958، أثناء الثورة التي اندلعت في لبنان، اتُّفق على تسليم قائد الجيش آنذاك فؤاد شهاب السلطة، وهو ما حصل. وكان من نتيجة ذلك عودة الاستقرار وإجراء انتخابات نيابية ورئاسية. وفي عام 1988، وبعد انتهاء ولايته، قام الرئيس أمين الجميل بتسليم الحكم الى قائد الجيش العماد ميشال عون الذي حاول السيطرة على الوضع، لكنه لظروف محلية وإقليمية ودولية لم يقدر. لذلك يبقى الجيش اللبناني هو الحل وهو المرتجى وهو الذي يستطيع «الانتقال بلبنان نحو الديموقراطية من طريق الديكتاتورية».