أجرى مركز بيروت للأبحاث والمعلومات استطلاعاً للرأي عن الأوضاع السياسية الراهنة، منها: موضوع التخوّف من نشوب حرب أهلية، انتخابات نيابية مبكرة، الرئاسات الثلاث، مؤتمر باريس 3، ومواضيع أخرى. نُفِّذ الاستطلاع في الفترة الواقعة بين 2 و5 شباط 2007، وشمل عيِّنة من 800 مستطلَع، واعتمدت تقنية إحصائية تلحظ التوزع الطائفي والمناطقي



قراءة في نتائج الاستطلاع


عبدو سعد*
أظهر مسار الأحداث في لبنان منذ أواخر العام الماضي وصولاً الى الأحداث الأخيرة، أن البلد يعيش مأزقاً وطنياً وسياسياً لم يشهده منذ نشأته كياناً سياسياً عام 1926. وكشفت نتائج الاستطلاع ظهور التناقضات الحادة في الخيارات لدى المستطلَعين بحسب انتماءاتهم الطائفية.
كشف الاستطلاع أن أكثرية اللبنانيين بجميع طوائفهم أبدوا تخوفهم من اندلاع حرب أهلية، على الرغم من تطمينات زعماء الطوائف الأكبر في لبنان (السنّة والشيعة) إلى منع حدوثها، ولكن نسبة التخوف كانت أقل مما كانت عليه في آخر استطلاع أجراه المركز (نشر في 12/12/2006)، ومن شبه المؤكد أنه لولا هذه التطمينات لارتفع مستوى التخوف بنسبة كبيرة عما جاءت عليه النتائج الحالية، وخصوصاً بعد الأحداث الدامية التي شهدتها بيروت والتي جعلت نسبة تخوف المستطلَعين السنّة في بيروت هي الأعلى بين بقية المحافظات والطوائف حيث بلغت حوالى 83%.
وأظهر الاستطلاع أن كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله كان الأكثر تأثيراً في المستطلَعين من حيث التقليل من مخاوفهم حيال إمكانية نشوب حرب أهلية، إذ بلغت النسبة حوالى أكثر من 40% من مختلف الطوائف، يليه بفارق كبير النائب سعد الحريري بنسبة تقارب الـ20%، ثم الجنرال عون بنسبة حوالى 15%، فيما يلاحظ أن رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع لم يؤثر سوى في نسبة من المسيحيين وبعض الدروز فقط (6%).
يبيّن الاستطلاع أيضاً أنّ أكثر من حوالى 34% من المستطلَعين، وبنسب متقاربة من الطوائف، يحمّلون السلطة والمعارضة معاً مسؤولية الأحداث الدامية التي جرت أخيراً، فيما حمّل حوالى 33% من المستطلَعين السلطة وحدها المسؤولية، ومنهم أكثر من 68% من الشيعة وأكثر من 29% من المسيحيين، وفي المقابل اعتبر حوالى 29% من المستطلعين أن المعارضة وحدها مسؤولة عن الأحداث الأخيرة.
كشف الاستطلاع أن غالبية المستطلَعين ما زالت تؤيّد إجراء انتخابات نيابية مبكرة على رغم التراجع بحوالى 7 نقاط لنسبة هذا التأييد، وذلك مقارنةً مع نتائج الاستطلاع الذي أجراه المركز عن الموضوع عينه ونشر في جريدة «الأخبار» في 3/10/2006، وبرز هذا التراجع بقوة لدى المستطلَعين السنّة حيث كانت نسبة تأييدهم للانتخابات النيابية المبكرة حينها حوالى 46% وتراجعت الى 26%، وكذلك تراجعت لدى الدروز من حوالى 35% إلى حوالى 29%، وبرز تراجع طفيف لدى المسيحيين بلغ حوالى 5 نقاط (من 70% إلى حوالى 65%)، ولوحظ ثبات عند الطائفة الشيعية (من 94% في السابق إلى 94.5%).
وبالنسبة إلى رئاسة الجمهورية، كشف الاستطلاع تراجعاً للعماد ميشال عون بنحو 6 نقاط من المجموع العام مقارنة مع الاستطلاع الذي نشر سابقاً بتاريخ 3/10/2006 في جريدة الأخبار (45.4% ــ 39.3 %)، ومنها نحو أقل من 5 نقاط من المسيحيين (39.1% ــ 34.4%). وظهر أيضاً تراجع كبير لجعجع بأكثر من نصف نسبة التأييد التي حظي بها في الاستطلاع الأخير (من نحو 7.5% إلى 3% كمعدل عام، ومن حوالى 14.7% إلى 6.6% من المسيحيين)، والمفاجأة هي الصعود اللافت لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي حلّ ثانياً مسيحياً وثالثًا بالنسبة العامة، والذي تقدم من حوالى 2.4% في الاستطلاع السابق إلى حوالى 10% من النسبة العامة للمستطلعين.
وحلّ الرئيس فؤاد السنيورة أوّلَ لمنصب رئاسة الوزراء وأحرز تقدماً طفيفاً بحوالى نقطتين عن الاستطلاع السابق لدى كل الطوائف. يليه الرئيس الحص الذي حلّ ثانياً متقدماً بحوالى 4 نقاط عمّا كان عليه في الاستطلاع السابق، وحل ثالثاً الرئيس نجيب ميقاتي بتراجع ملحوظ بحوالى 8 نقاط عمّا كان عليه في الاستطلاع السابق، فيما تقدم الرئيس عمر كرامي بشكل كبير عمّا كان عليه في الاستطلاع السابق (4.7% ــ 8.1%).
بالنسبة إلى رئاسة المجلس لقي الرئيس بري النسبة الأعلى من تأييد المستطلعين، ولم يكن هناك منافسة جدية بينه وبين أي من الذين سمّوهم المستطلَعون، إلا أن النائب باسم السبع ظهر المرشح المفضل لدى الدروز.

* مدير مركز بيروت للأبحاث والمعلومات