صيدا ــ كامل جابر
حمل المشهد المضطرب في صيدا، يوم إضراب الثلاثاء، بعض عناوين وجهة الصراع، التي دأب أحد الأطراف الصيداوية على تكريسها، من خلال تحويل «المواجهة» في ساحة النجمة والوسط التجاري، من نزاع بين فريقين صيداويين، غالبية مناصريهما من لون مذهبي سنّي، إلى صراع بين تيار سني، وفريق آخر من لون شيعي متميز، عنوانه حارة صيدا.
ينتفض مناصرو تيار «المستقبل»، لحظة صعود شاب يحمل علم حركة أمل، على لوحة إعلانية ضخمة، ويحاولون مهاجمته. يصدهم عناصر الجيش الذين شكلوا حاجز فصل بينهم وبين مناصري التنظيم الشعبي الناصري في ساحة النجمة، فيرد أحد مسؤولي تيار «المستقبل»: «نسمح برفع علم التنظيم الشعبي الناصري ولا نسمح بسواه، نحن أبناء مدينة واحدة، ونصطفل ببعضنا».
يخيم هدوء على صيدا يشبه الجمر تحت رماد «التهدئة» بحسب تأكيد أكثر من مرجعية صيداوية، وخصوصاً بعدما «ثبت تحرك مجموعات مسلحة تابعة لتيار المستقبل، يوم الثلاثاء، في محاولة للتصدي لتحرك قوى المعارضة في صيدا، وهو في سياق الخطة العامة التي شاهدنا فصولها في مختلف المناطق اللبنانية، بيد أن السلاح لم يستخدم في وجه قوى المعارضة داخل المدينة، بل اللافت استخدامه على مدى يومين في محيط حارة صيدا، وهذا يؤكد أن الهدف نقل توتير الأجواء في المحيط، ومحاولة لتطويق تحرك المعارضة الوطنية في المدينة»، والكلام لرئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب أسامة سعد.
ويضيف: «لم يشأ التيار الوطني في صيدا، منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري أن يدفع الأمور باتجاه التوتير، بل سعى إلى تهدئة الأجواء والمعالجة بعيداً عن الحدة السياسية لكل القضايا في صيدا، إلا أن ذلك لم يقلص من دوره في حماية الخيارات الوطنية للمدينة من دون أن يترجم ذلك في عمل ميداني إلا صبيحة يوم الدعوة للتحرك الاحتجاجي والإضراب، ليؤكد هذا التيار حيويته وقدرته على المبادرة». ولفت الى «محاولة تيار المستقبل ترهيب هذا التيار الوطني عبر مجموعات مسلحة نزلت إلى الشارع، في محاولة إحباط التحرك الاحتجاجي. لذلك قلنا إن مرحلة عدم الاشتباك السياسي الحاد انتهت، وبالتالي هذا يُلزم التيار الوطني أن يبتكر الأساليب الجديدة للتحرك ».
ولا ينفي سعد أن «تيار المستقبل يسعى لتعزيز علاقاته مع أطراف فلسطينية من منطلق مذهبي، في محاولة مكشوفة لاستخدام الوضع الفلسطيني في الصراع الداخلي. بالتأكيد نحن على صلة بالوضع الفلسطيني ونطالبه دائماً بأن يكون حيادياً، معتمدين في ذلك على وعي الشعب الفلسطيني وقياداته».
ويسجل إمام مسجد القدس في صيدا، الشيخ ماهر حمود، ارتياحه إلى الأجواء العامة في صيدا، لأن «كل التيارات على الأرض ليست بوارد تطوير المشكلة، أو نقلها إلى صيدا التي يعرف من فيها بعضهم بعضاً، ما يردع من أي تفاقم. وهناك تداخل متكامل، على بعد أمتار هناك شيعة، وبعدهم نصارى وهكذا، هذا التداخل كان دائماً عامل ردع».
ويؤكد حمود «أن لا مشروع عند أحد في صيدا لإلغاء الآخر. هناك توازن بين القوى، وما جرى نعتبره فورة. فجماعة حارة صيدا كانوا يعتقدون أنهم ضمن المنطقة العقارية لحارة صيدا، ووجودهم في الشارع الرئيسي المؤدي إلى شرق صيدا أثار حساسيات تمت معالجتها. ونحن لا نبرئ التيارات الشيعية من أخطاء متعددة كانت في أحيان كثيرة تمر من دون مشاكل، الآن يجري استثمارها بأغراض ليست بريئة».