strong>عمر نشّابة
استقدمت السفارة الاميركية 750 طرداً الى مطار رفيق الحريري وأبلغت السلطات الجمركية بأن الطرود تتضمّن «قطع معدات كهربائية». لكن بعد الكشف الجمركي تبيّن أن الطرود تحتوي على عتاد أمني. وبعد أن نشرت «الأخبار» صوراً ومعلومات عن الطرود اعترفت ناطقة باسم السفارة الاميركية بأنها أخفت معلومات عن الدولة اللبنانية

نشرت «الأخبار» في عدد أمس معلومات عن وصول 750 طرداً باسم السفارة الاميركية الى مطار بيروت، وتبيّن لاحقاً أن هذه الطرود لا تحتوي على «معدات كهربائية» كما كانت السفارة قد أبلغت الجمارك اللبنانية. فقد تبين لموظف في الجمارك، أثناء معاينته للطرود في أحد هنغارات المطار، أنها تحتوي دروعاً واقية للرصاص ومعدات أخرى منها عصي كهربائية وأشياء لم يعرف ما هي. وبعد الاتصال بالسفارة الاميركية للاستفسار عن سبب عدم إعلام الجمارك بحقيقة محتوى الطرود المرسلة الى السفارة أرسلت الناطقة باسم السفارة الأميركية الى «الأخبار» التالي: «بما أن الولايات المتحدة قد تعهدت بمليار دولار لدعم لبنان الديموقراطي، فإن السفارة الأميركية (في لبنان) تتسلم بشكل مستمر المواد والمعدات كجزء من التزامها أمام الحكومة اللبنانية. ويبدو أن التصريح للجمارك قد لا يكون قد عكس جميع المواد التي احتواها الـ750 طرداً التي ستسلّم الى قوى الأمن. وقد احتوى الـ750 طرداً على مواد طلبتها قوى الأمن لعناصرها. ان الولايات المتحدة فخورة بمساعدة الحكومة اللبنانية لتضمن أمن وسلامة الشعب اللبناني من خلال هذه المساعدة».
نقطتان لافتتان في هذه الرسالة «التوضيحية» التي وصلتنا من السفارة الاميركية:
أولاً اعترافها بأنها لم تبلّغ السلطات الجمركية اللبنانية بمضمون 750 طرداً استقدمتها الى لبنان عبر مطار رفيق الحريري الدولي. وكانت السفارة قد طلبت من الجمارك إعفاءها من الرسوم الجمركية على هذه الطرود ما يستوجب التبليغ عن كامل البضائع ونوعيتها وعددها. واستجابت إدارة الجمارك بإصدارها قسيمة إعفاء رقم 225326 دوّن عليها بشكل واضح أن نوع البضاعة المعفاة من الرسوم هي «قطع معدات كهربائية». وبما أنه تبيّن أن الطرود تحتوي على معدات لا تصنّف «قطع معدات كهربائية»، فقد خالفت سفارة الولايات المتحدة الاميركية القانون بإدلائها بمعلومات ناقصة الى سلطة رسمية لبنانية. إضافة الى ذلك يعتبر إعفاء هذه الطرود من الرسوم الجمركية عملاً غير شرعي وتخلّفاً عن تحصيل أموال تعود الى خزينة الدولة إذ إن الإعفاء الجمركي اقتصر بحسب مستند رسمي على «قطع معدات كهربائية» ولم يشمل دروعاً واقية ومعدات اخرى منها عصي كهربائية وأشياء لم تحدّد.
ثانياً، إن الناطقة باسم السفارة الاميركية أشارت الى ان «جميع المواد التي احتواها الـ750 طرداً ستسلّم الى قوى الأمن» ما يعني أنها لم تسلّم بعد، ولا حتى في حفل تسليم الهبات الذي أقيم أمس. لكن شهوداً عياناً أكّدوا لـ«الأخبار» أن الطرود التي كانت محتجزة في المطار حُمّلت بشاحنات تابعة لـ«فهود» قوى الأمن الداخلي. وما يزيد من الاستغراب هو ما ورد في البيان الذي صدر عن السفارة الاميركية بعد احتفال أمس: «2000 مجموعة معدات مكافحة الشغب تم تسليمها إلى قوى الأمن الداخلي في وقت سابق من هذه السنة». وبالتالي فهناك تناقض «زمنيّ» بين ما ورد عن الناطقة باسم السفارة التي قالت إن الطرود «ستسلّم الى قوى الامن» من جهة، وبين الشهود العيان الذين شاهدوا عملية «التسليم» من جهة ثانية، وبين ما ورد عن السفارة الاميركية في مناسبة حفل التسلم والتسليم من جهة ثالثة.
تمّ حجز الطرود الـ750 في أحد هنغارات المطار بعد أن تبيّن أن محتوياتها لا تتناسب مع المستندات الرسمية، ولكن عدداً من المسؤولين عمل على إيجاد مخرج لهذه المسألة بواسطة كتاب أُرسل الى مديرية الجمارك تضمّن تأكيدات أن البضاعة هي تجهيزات وعتاد لقوة مكافحة الشغب في قوى الأمن الداخلي. وبناءً على مضمون هذا الكتاب الرسمي أفرجت الجمارك عن الطرود المحجوزة وسلّمتها الى قوى الأمن بينما كانت هذه الطرود قد وصلت الى المطار عبر شركة الشحن السويسرية PANALPINA باسم السفارة الأميركية في بيروت. وهذا ما يطرح تساؤلات عن قانونية تسليم البضاعة ويستدعي بحسب مرجع قضائي تحقيقاً قضائياً وتحريكاً لأجهزة الرقابة والتفتيش. اضافة الى ذلك هناك تساؤلات تطرح بعدما أبلغ مصدر رفيع في وزارة الخارجية «الأخبار» أن «تسلّم مؤسسات الدولة للهبات يتمّ بعد صدور قرار بقبولها عن مجلس الوزراء». وأضاف المصدر أن «قرار مجلس الوزراء بقبول الهبة ينشر في الجريدة الرسمية» وأكّد أن الهبة «مهما كان حجمها» تستوجب موافقة الحكومة.
ومساء أمس قال مصدر قضائي إن عدم إبلاغ السفارة الأميركية الجمارك اللبنانية بكامل محتويات الطرود سببه محاولة الإفلات من تسجيل كلّ ما تستقدمه الولايات المتحدة الى لبنان في هذه المرحلة الحساسة من الصراعات الداخلية. وأضاف المصدر ان جزءاً من محتويات الطرود قد يكون مرسلاً الى قوى الأمن لكن جزءاً آخر منها قد يكون لتجهيز مجموعات غير رسمية. لكن من ناحية أخرى قال مسؤول رفيع في الدولة لـ«الأخبار» إن الموضوع «لا يستحقّ كلّ هذه الضجّة لأنه مجرّد خطأ قام به موظّفو الجمارك في كتابة نصّ قسيمة الإعفاء الجمركية».
مساعدات من البنتاغون إلى قوى الأمن
وفي سياق متصل، تسلمت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، أمس، 60 سيارة (Ford Explorer) رباعية الدفع، كهبة من الولايات المتحدة الأميركية، في مجمع قوى الأمن الداخلي في الضبية. بالاضافة إلى السيارات، ظهر خلال حفل التسلم، جزء من معدات مكافحة الشغب، في عرض لست مجموعات من عناصر قوة مكافحة الشغب التابعة لقوى الأمن الداخلي. كما عرضت في المجمع ناقلات جند مصفحّة، هي من ضمن 21 آلية ستقوم الولايات المتحدة بصيانتها.
وذكر بيان صادر عن السفارة الاميركية في عوكر أنه «تم شراء معدات مكافحة أعمال الشغب المدني من صندوق إعادة الإعمار التابع لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)». خلال حفل التسلم ألقى القائم بأعمال السفارة الأميركية، كريستوفر موراي، كلمة شكر فيها المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي على الدور الذي لعبته المديرية خلال العداون الاسرائيلي في تموز الماضي، عندما سمحت للسفارة الأميركية باستخدام مجمع الضبية لإجلاء الرعايا الأميركيين.
وقال موراي في كلمته إن الهبة الأميركية «ستساعد في تثبيت السيادة الكاملة لحكومة لبنانية تمثل الشعب اللبناني بأكمله»، بعد انتهاء كلمة موراي، ألقى المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي كلمة عبّر فيها عن شكره على هذه الهبة وعلى غيرها من المساعدات، «وخاصة في مجال التدريب على إدارة مسرح الجريمة». وقال ريفي إن هذه الهبة ستساهم في تعزيز إمكانيات قوى الامن الداخلي لضبط الأمن وإشاعة الاستقرار.