أمال ناصر
الأمم المتحدة: إجراء روتيني والخطوة الأهم تصديقه دستورياً في لبنان

أثار توقيع الأمانة العامة للأمم المتحدة على مشروع معاهدة إنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي بلبلة في الأوساط السياسية اللبنانية، علما بأن المعارضة قلّلت من قيمة هذه الخطوة، فيما رحبّت بها الأكثرية، معتبرةً أن الاتفاقية أصبحت جاهزة تماماً للإبرام وما على المجلس النيابي سوى التصديق عليها، ملوّحة بإقرارها تحت الفصل السابع.
إلا أن الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان غير بيدرسون أوضح بعد لقائه أمس الأمين العام لوزارة الخارجية والمغتربين السفير هشام دمشقية أن التوقيع «جزء من الإجراء المتّبع وإننا ننتظر الإجراء الدستوري اللبناني»، مشدداً على أن «ما نحتاج إليه هو التصديق من قبل الجانب اللبناني لأن شيئاً لن يحصل قبل ذلك».
بدوره، أكد مصدر رسمي في الأمم المتحدة لـ«الأخبار» أن توقيع الأمم المتحدة خطوة شكلية، وهو لا يعني أن المحكمة أصبحت نافذة»، مشدداً على «أن الخطوة النهائية والأهم هي إقرار المحكمة وتصديقها في لبنان، الذي يجب أن يسير وفقاً للخطوات الدستورية المعتمدة». وأوضح «أنه بعد استيفاء الشروط الدستورية، يمكن أن تدخل المعاهدة حيّز التنفيذ».
وعن تأثير الجدل حول دستورية الحكومة على إقرار المحكمة، رأى أن «دستورية الحكومة أو رئاسة الجمهورية شأن داخلي. والنص وصل إلينا موقّعاً من الحكومة، ومن واجب الأمم المتحدة أن توقّعه وتعيد إرساله إلى لبنان». وقال: «لا علاقة لنا بالأزمة اللبنانية لأنها موضوع داخلي، وعلى اللبنانيين أن يتفقوا في ما بينهم ويقرّوا المحكمة. لسنا طرفاً في النزاع اللبناني. نحن نقوم بواجباتنا، وتوقيع المعاهدة لا يمكن تفسيره على أنه دعم لأحد».
وأكد المصدر إمكان إدخال تعديلات على نص المحكمة «إذا اتفق اللبنانيون شرط أن يتم ذلك قبل الإقرار والتصديق النهائي عندما يطرح الأمر على الأمم المتحدة وتتم مناقشته»، موضحاً أنه لا توجد مهلة محددة للبنان للتصديق على المعاهدة وإعادة إرسالها إلى الأمم المتحدة «فالمهم أن تقرّ دستورياً». ورفض الإجابة عن سؤال حول إمكان إدراج المحكمة تحت البند السابع «لأنها فرضيات لا نجيب عنها».
في غضون ذلك، تلقّت الأكثرية النيابية توقيع الأمم المتحدة على مشروع المحكمة بارتياح «لمغزاه السياسي»، معتبرةً أنه بمثابة دعم للحكومة.
وأسف وزير العدل شارل رزق لـ«السجالات السياسية بين المؤسسات الدستورية»، معتبراً «أن قوى عديدة اتخذت من المحكمة ذريعة لطرح مشاكل سياسية». وأشار في حديث تلفزيوني إلى «أن إقرار المحكمة قد يقلق بعض الأطراف، لكن عدم إقرارها لبنانياً ستكون له نتائج وخيمة»، داعياً الى وعي «خطورة تعطيل المحكمة».
ورأى النائب سمير الجسر، بعد لقائه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني، أن التوقيع «خطوة جيدة، وهو عمل روتيني، لكن بعده سياسي أكثر مما هو روتيني. وهذا تأييد مباشر للحكومة اللبنانية ولشرعيتها ودستوريتها».
ورأى النائب وليد عيدو «أن الاتفاقية أصبحت جاهزة تماماً لتبرم في مجلس النواب اللبناني عند عرضها عليه». وقال: «رئيس مجلس النواب (نبيه بري) ما زال في تقديرنا محل وعي تام لهذه الخطوة التي سيقدم عليها بدعوة مجلس النواب الى الانعقاد لإقرار المحكمة، وما زلنا نراهن على أنه يعلم تماماً ماذا يعني موضوع المحكمة بالنسبة للبنان واللبنانيين». وأشار إلى «أن هناك كلاماً جدياً أصبح متداولاً في الأمم المتحدة باللجوء الى الفصل السابع (...) لأن الدولة اللبنانية وفقاً لما تصرف به رئيس الجمهورية متداعية، وليس هناك رئاسة جمهورية ولا دستور في مفهوم الرئيس».
وأكد النائب مصطفى هاشم «أن المحكمة أقرّت وفقاً للمسودة التي أرسلها رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، وصدق عليها مجلس الوزراء». وقال في حديث الى «أخبار لبنان»: «بقي الموافقة عليها من مجلس النواب، وبما أنها معاهدة، فلن يجري عليها أي تعديل. إما أن يصدق عليها كما هي أو يرفضها». ونفى نية الحكومة «إدراج المحكمة تحت الفصل السابع، بل تريد محكمة ذات طابع دولي وفقاً للقوانين اللبنانية».
وشدد السفير الفرنسي برنار إيمييه على «ضرورة إنشاء نظام المحكمة الدولية لأنه يؤمن العدالة». وأشار بعد لقائه شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز نعيم حسن إلى أنه «من الضروري أن نشدد على نظام المحكمة الدولية بطريقة يتم من خلالها احترام القوانين اللبنانية بطريقة محددة جداً، وهناك اقتراح من المجتمع الدولي ويجب الآن التقدم الى الأمام».