البلد يمرّ بمرحلة حسّاسة أمنياً، ولا يخفي عدد كبير من السياسيين تخوّفهم من استهداف أمنهم وحياتهم، وخصوصاً بعد سلسلة اغتيالات ومحاولات اغتيال طالت سياسيين وإعلاميين ونواباً ووزراء وراح ضحيتها العديد من المواطنين وألحق الضرر بأملاك خاصة وعامة. ومن بين الإجراءات الأمنية التي يتخذها سياسيون بارزون في مدينة بيروت وضواحيها، إنشاء ما يعرف بـ«مربّعات أمنية» في محيط مكان إقامتهم.ويعمل عناصر الأمن والحماية على تركيب كاميرات مراقبة وسدّ الطرقات بالحواجز الحديدية والاسمنتية داخل المربّعات الأمنية وعلى الطرق المؤدّية إليها. كما يقوم عناصر قوى الأمن الداخلي بجمع معلومات عن السكان والعاملين داخل نطاق المربعات الأمنية الخاصّة بالوزراء ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب. أما في المربعات الامنية الخاصّة بالشخصيات السياسية الاخرى والنواب فتقوم عناصر أمن غير رسمية بجمع تلك المعلومات. وفي كلتا الحالتين توزّع استمارات أمنية على الشقق والمحالّ ويُطلب من المواطنين ملؤها وتسليمها للأمن الذي يدقّق بمضمونها ويحفظها.
وتتضمّن الاستمارة ما بين 10 و15 سؤالاً عن تفاصيل الأشخاص المقيمين وعائلاتهم. واللافت أن بعض الأسئلة تدخل في خصوصيات السكان وانتماءاتهم السياسية أو الحزبية أو حتى انتسابهم الى جمعيات. وتسأل الاستمارات عن «نشاط» وعنوان الجمعية أو الحزب أو الجهة السياسية، كما تسأل عن الدور الذي يقوم به المنتمي الى تلك الجمعيات. اضافة الى ذلك تطلب الاستمارة معلومات عن «أسلحة أو ذخيرة أو معدات حربية أو عسكرية أو أجهزة لاسلكية» بينما من المفترض أن هذه المعلومات متوافرة لدى وزارة الدفاع الوطني التي تصدر عنها رخص السلاح وبالتالي يمكن تجميع المعلومات من هذه الوزارة.
لكن المشكلة الأساسية في موضوع الاستمارات الامنية ليست في ما تطلبه من معلومات قد تكون خاصّة بل هي أن الجهة الامنية التي تجمع المعلومات ليست جهة رسمية في جميع المربعات الأمنية. وبالتالي فهي لا تخضع للتفتيش الذي من المفترض أن يخضع له عناصر قوى الأمن الداخلي وسائر المؤسسات الأمنية الرسمية. ويطرح بالتالي خبراء قانونيون أسئلة عن شرعية جمع جهات غير رسمية وغير مكلّفة من القضاء معلومات خاصّة عن مواطنين. ويسألون عن سبب عدم إصدار كل الاستمارات الامنية عن جهات رسمية لضمان قانونية الإجراءات الأمنية.
(الأخبار)