ابراهيم عوض
بلال لـ«الأخبار»: لا سفارة لدينا في لبنان حتى نتهم بالتدخل في شؤونه

كرر الرئيس السوري بشار الأسد في حديث ادلى به أخيراً الى محطة «اي.بي.سي» الاميركية ما سبق أن اعلنه اكثر من مرة، انه «اذا ثبت تورط اي سوري في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري فسيصار الى اتهامه بالخيانة العظمى وستجرى محاكمته طبقاً للقوانين السورية قبل تسليمه الى المحكمة الدولية لأن هذه مسألة سيادة». كما سئل الاسد مجدداً عن تهديده الرئيس الحريري خلال لقائه الأخير معه وقوله له بأنه سيهدم لبنان على رأسه واضطرار الحريري الى تناول ادوية لمعالجة اضطراب ضغطه، فردّ واصفاً هذه الادعاءات بـ «الكاذبة» متسائلاً عن سبب عدم الكشف عنها قبل جريمة الاغتيال.
واذا كان اللافت في حديث الرئيس السوري انه لم يجر تعميمه من جانب الإعلام السوري وتولت ذلك وكالات انباء نشرت مقتطفات منه على دفعتين (الثلاثاء والاربعاء الماضيين) فإن أوساطاً سورية ولبنانية استوقفتها معاودة طرح مسألة تهديد الاسد للحريري والتي اتى تقرير المحقق الالماني السابق ديتليف ميليس على ذكرها وفقاً لأقوال منسوبة الى قادة من 14 آذار. وتساءلت اذا كانت الصحافية الاميركية دايان سوير التي اجرت المقابلة، اطلعت على ما ادلى به بهاء الدين الحريري نجل الرئيس الراحل الى صحيفة «الشرق الاوسط» (25 شباط 2005) بعد عشرة أيام على الجريمة، إذ لو تسنى لها ذلك لاستغنت عن طرح الموضوع.
وذكّرت هذه الاوساط بما قاله بهاء يومها حين سئل عن كلام لجنبلاط توقع فيه ان يكون الرئيس الحريري المستهدف بالاغتيال بعد محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة، فأجاب بأن «حديث جنبلاط يُسأل هو عنه. اما في ما يتعلق بالوالد، فكان يستبعد فكرة اغتياله نهائياً وكان بالامكان ملاحظة ذلك من خلال النظر الى وجهه، حيث تشعر دائماً بأنه مطمئن».
اما السؤال الثاني والاهم الذي وجه الى نجل الرئيس الشهيد فكان: هل تعرض رفيق الحريري للتهديد بالقتل؟. وقد رد بما حرفيته: «لم يتعرض الوالد لأي تهديد من اي جهة، لكن قبل اسبوع من اغتياله اتهمه بعض الوزراء بالعمالة لاسرائيل، وهذا أحزنه كثيراً وأثر في نفسه».
وفيما تشير الاوساط الى أن حديث بهاء الحريري لم يأخذ وقعه على الساحة الداخلية التي طغت عليها حينذاك الاصوات المتهمة لسوريا بالوقوف وراء الجريمة، تلفت الى أن احداً من تيار «المستقبل» او الفريق المتحالف معه لم يتطرق اليه أو يأت على ذكره، فيما كانت «المفاجأة» يومها ابتعاد بهاء عن الاضواء ليحل محله شقيقه سعد وريثاً لزعامة والده.
وإزاء الانتقاد الذي صدر عن اطراف في الاكثرية لموقف الرئيس الاسد في حديثه التلفزيوني من المحكمة، يوضح مصدر سوري مطلع أن سوريا غير معنية بالمحكمة وسبق ان ابلغت الامم المتحدة بهذا التوجه. ويرفض المصدر اتهامات الاكثرية ضد دمشق بأنها وراء تعطيل مشروع المحكمة وإصدارها «امر عمليات» لفريق المعارضة للقيام بما يلزم في هذا الصدد بعدما وضعت رئيس مجلس الامن القومي الايراني في اجوائه، ويؤكد لـ«الاخبار» أنه لم يصر الى بحث هذا الموضوع مع المسؤول الايراني نظراً للموقف السوري المعروف من المحكمة. وفي هذا السياق علمت «الأخبار» ان وفداً من المعارضة التقى الاخير في دمشق وعرض معه المطالب التي تنادي بها، وفي مقدمها تأليف حكومة وحدة وطنية بالتزامن مع التفاهم على المحكمة الدولية.
وكرر المصدر السوري المطلع التأكيد «ان سوريا تدعم كل ما يجمع عليه اللبنانيون»، لافتاً الى ان الرئيس الاسد «عاد وشدد على هذا الامر خلال اجتماعات اللجنة المركزية لحزب البعث اول من امس، معلناً ترحيبه بكل مبادرة من شأنها ان توحد اللبنانيين وترسخ وحدة لبنان واستقلاله».
ولفت كلام لوزير الاعلام السوري محسن بلال في حفل اقيم في السفارة الايرانية بدمشق اول من امس، جاء فيه «ان لبنان يحكم من سفير او سفيرين او قنصل او قنصلين». ولدى سؤال «الأخبار» له عن ان الاكثرية ترى العكس تماماً وتعتبر أن كل أمر يعوق الاستقلال والسيادة والحرية في لبنان مصدره سوريا اجاب: «نحن لم نعد موجودين في لبنان. فلا سفير لدينا هناك ولا سفارة ولا حتى جندي واحد حتى يقال إننا نتدخل في شؤونكم. وما هو قائم فعلاً الأخوة التي تجمعنا مع الشعب اللبناني والتي لن نحيد عنها مهما حصل، وكيف نفعل ولبنان بالنسبة الينا توأم ثان؟؟».
وأكد بلال إنه «لا زيارة قريبة للأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الى سوريا. كما انه لا جديد على صعيد العلاقات بين دمشق والرياض التي ما تزال مغطاة بالجليد».