هل يعيد التاريخ نفسه؟
  • هادي الياس الهاشم ــ علوم سياسية وإدارية

    اندلعت ثورة 1958 بهدف إسقاط حكم الرئيس «كميل شمعون» الذي صمد حتى نهاية ولايته. وقد دخلت قوات المارينز الأميركية الى لبنان ونزلت في أنطلياس وضبية، الساحل المسيحي، على أساس حماية الشرعية اللبنانية، غير ان ذلك لم يحصل، إذ كان هدف هذه القوات الأساسي هو التوجّه من لبنان الى مصر لأن الرئيس عبد الناصر بدأ يميل الى السوفيات.
    بقي الجيش اللبناني بقيادة الجنرال «فؤاد شهاب» على الحياد في النزاعات الطائفية في لبنان. وتأكد بعد ذلك ان الجنرال شهاب كان يهدف الى رئاسة الجمهورية من خلال مواقفه، بدعم كبير من بكركي المتمثلة بالبطريرك معوشي. وقد اتهمت بكركي حينها بدعم توجّهات عبد الناصر ضد الرئيس شمعون. انتهت الثورة مع نهاية ولاية الرئيس شمعون، وجاء قائد الجيش الماروني فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية اللبنانية وأُلّفت الحكومة التي ضمت «رشيد كرامي، بيار الجميل، ريمون إده، وكمال جنبلاط»، وبدأ الحكم العسكري في لبنان، وتعزر المكتب الثاني أيام شهاب، وانتشر نفوذه في لبنان. وهنا يمكن السؤال: هل ما يشهده لبنان والمنطقة من تطورات محلية وإقليمية في الوقت الراهن يشكل إنذاراً حاداً بإمكانية تكرار ما حصل سابقاً وحصول ما لا تحمد عقباه في لبنان الذي عانى ما عاناه مدى عقودٍ من الزمن.
    وما هو الدور الذي يجب أن تؤديه بكركي مرجعاً وطنياً جامعاً، لتجنيب لبنان نتائج الاحتدام السياسي الحاصل بين كل الأفرقاء اللبنانيين الذين تتجاذبهم من جهة بعض الدول العربية الإقليمية، ومن جهة ثانية بعض الدول النافذة، لأكثر من سبب، مستفيدةً من ظروفٍ مؤاتية وأوضاعٍ راهنة؟
    فإذا بلبنان هدف لصراعٍ إقليمي دولي، بمعنى تكريسه التناقضات اللبنانية!
    فليكن الانتماء لبنانياً مستقلاً غير مرتبط بالغرب ولا بالشرق، ولذا لا بد من بعض التنازلات من كل الأطراف كي تتوحد كل فئات الشعب اللبناني تحت رايةٍ واحدة وهدفٍ واحد هو السيادة والاستقلال.



    «نازل عالشغل... بس بالخليج»

  • حسن مهدي ناصر الدين

    تدخل أمي في السابعة صباحاً الى غرفة نومي: لا تذهب هذا النهار الى الجامعة، فالأجواء مشحونة في هذه الأيام ولا أحد يعلم كيف ستمضي ذكرى اغتيال الحريري هذه السنة. تسحب الهاتف(المنبّه) من تحت رأسي، تغلق الباب وتخرج. لم أستطع التكلم حينها، انتابتني سعادة لطيفة لأنني لن أخرج في هذا النهار العاصف، برضى الله ورضى الوالدة!! بعد لحظات افتكرت كيف أن هذا السيناريو أصبح مكرراً للمرة الألف منذ سنتين، وكيف أصبحت هذه الفكرة معممة على كل البيوت اللبنانية، وكيف تُقابل بالرضى من الجامعات. فمنذ الرابع عشر من شباط المشؤوم أدخلت الى الرزنامة اللبنانية تواريخ جديدة يستحسن خلالها وقبلها وبعدها وما بينها أيضاً ملازمة الفراش وعدم الخروج إلا اضطرارياً أو للمشاركة في إحدى التظاهرات... والبلد ماشي ولا يهمك!
    وتراءت لذهني بعض المصطلحات والأسماء التى أدخلت الى القاموس اللبناني عنوة، وبات على كل مواطن حفظها واستعمالها لإثبات مواطنيته وانتمائه:
    الحقيقة، المحكمة الدولية، اشتقنالك، والله اشتقنالك... للدلالة على محبي الرئيس الشهيد.
    الاعتدال، رضى المجتمع الدولي، حق استعادة الأرض والأسرى سلمياً، استدراج العدو بحسن الضيافة...
    الحق، الخير، السلام، لنا ألف جولة وجولة، التأملات، البحر من أمامنا.
    ولكن أكثر ما أثار اشمئزازي هو اللوحات الإعلانية المنتشرة في كل مكان (حتى تحت شرفتي) والتي تصف حالة اللبناني «العييش» الذي أصبح بين ليلة وضحاها يحب العمل والدراسة ويشدد على حبه للسهر وعلى عدم نيته ترك هذا البلد العظيم...
    نهضت من الفراش مع أن النهار كان في منتصفه وقررت الذهاب الى الجامعة لإكمال الفصل الأخير لي فيها، أو في هذا البلد على الأرجح، ففي الخليج لا يسمح بنشر الإعلانات السياسية على اللوحات الإعلانية ولا يمكنني لزوم الفراش إلا في مناسبة عيد تنصيب الملك أو في عيد ميلاده، وأخيراً لن تتمكن أمي من الدخول إلى غرفتي لتسحب الهاتف من تحت رأسي، فأنا وبكل قواي «نازل عالشغل بس بالخليج»!!!