كامل جابر
من المفترض أن تلتئم هذا الأسبوع لجنة ثلاثية من قوات اليونيفيل والجيش اللبناني والإسرائيليين، تحت مظلة قوات الأمم المتحدة في الناقورة للبحث في «المواجهة بين الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي في بلدة مارون الراس»؛ وكذلك موضوع «العبث» بالخط الأزرق التي شكلت شرارة الاشتباك ولا تزال تداعياتها تتفاعل ميدانياً وسياسياً

عملت إسرائيل، منذ اليوم الأول لعدوان تموز، على تكريس منطقة أمنية عازلة، بين الحدود والحدود، انطلاقاً من احتلال غير محدود بالمكان والمدى، إلى سقف له عند الليطاني، ثم بمقولة إقامة شريط عازل يتراوح بين كيلومتر وثلاثة كيلومترات. وبعد فشل قوات الاحتلال من تحويل نقاط الاشتباك الست إلى نقاط احتلال، بدأت الأمم المتحدة عبر قوات اليونيفيل 2 بالعبث في النقاط الحدودية عند الخط الأزرق في محاولة لتكريس «منطقة عازلة» عند طول الحدود في رميش ويارون، وبعدها عيترون، إلى أن توجتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مارون الراسرئيس لجنة التحقق من الانسحاب الإسرائيلي في العام 2000 العميد الركن أمين حطيط رأى أن «الأمم المتحدة تحاول القيام بمهمة تعويضية لإنقاذ ورطة إسرائيل، انطلاقاً من كثير من المعطيات والحوادث التي حصلت منذ مجيء جديد هذه القوات، لتضع علامات استفهام كبيرة حول دورها مع إسرائيل برسم خط مواز للخط الأزرق وإنشاء منطقة عازلة من عمق مئة متر إلى خمسمئة متر، أو كيلومتر أحياناً، لمسناها وحذرنا منها بعدما بدأت بمنطقة رميش (المعلم BP16) ثم في يارون، بين التلتين في المعلمين (BP17 وBP18)، بعدما أنشأوا جبهة بطول كيلومترين ونصف وبعمق من عشرة إلى خمسين متراً».
أضاف حطيط «أن ما يحدد المدى الجغرافي السيادي اللبناني في الجنوب، هو خط الحدود الدولية الذي أنشئ في عام 1923 وعرف بخط بوليه ــ نيو كمب، وفيه 38 معلماً حدودياً من الناقورة إلى ما قبل بانياس حيث يقع المعلم الحدودي التاسع والثلاثون، وقد أضيف إلى هذه المعالم نقاط وسيطة أو ثانوية عددها 95 نقطة حيث أشير إلى الأول بـ BP وإلى الثانوية ب B، وإن هذا الخط هو خط اتفاقي لا يمكن أن يعدل أي جزء أو نقطة فيه من غير موافقة الطرفين المعنيين على جانبي الحدود ولا يمكن أي طرف ثالث، ولو الأمم المتحدة، أن يحل مكانهما في هذا الشأن».
وتابع: «عندما لم تجد الأمم المتحدة غير صوت واحد نبه إلى الأمر، انتقلت إلى المرحلة الثالثة في عيترون، إذ هناك ارتكبت الحماقة الكبرى عندما أعلم الضابط الدولي هناك أهالي عيترون بأن ما يقوم به هو بأمرة الحكومة اللبنانية، بعدما تم العبث بالخط المرسوم منذ عام 1948 في المنطقة التي خاض فيها الجيش اللبناني معركة المالكية، ونقلوه بمسافة 1200 متر وبعمق تراوح بين عشرة وثلاثين متراً.
ويرى حطيط «أن الرئيس السنيورة وافق على أن يقوم عناصر الأمم المتحدة برسم الخط؛ فتجاوزوا بذلك صلاحياتهم، مع العلم أن القرار 1701 لم يعطهم الحق بمثل هذا الأمر. لذلك يعتبر اعتداءً الدخول إلى مارون الراس بعمق 25 متراً بحجة أن لإسرائيل أرضاً خارج السياج التقني؛ ونحن نعلم أن إسرائيل متيقنة من أنها وضعت شريطها التقني والشائك والمكهرب أحياناً بشكل يطابق الحدود وفقاً لما تحققنا منه؛ وليس هناك أي أرض فلسطينية مغتصبة خارج هذا الشريط وأن ادعاء إسرائيل بوجود 12 جيباً حدودياً هو ادعاء كاذب لا يرتكز على دليل».
ويؤكد حطيط أن إسرائيل «لم تحاول على مدى ست سنوات من التحرير العبث بالخط الأزرق، وعندما دخلت في عدوانها الأخير إلى الحدود دخلت من بواباتها؛ وغير صحيح أن الحرب غيّرت العلامات الحدودية، لأنها لم تكن مشكوكة شك الخرز، بل إن بين المعلم والمعلم نحو 400 متر، وهي ليست حواجز، بل نقاط قطرها بين 30 و60 سنتيمتراً بحسب طبيعة المعلم».
ويوضح إذا «كانت إسرائيل قد عبثت أثناء عدوانها على الجنوب ببعض المعالم الحدودية، فإن صلاحية إعادتها إلى مكانها تكون للجيش اللبناني وحده من غير شريك. وإذا تدخلت إسرائيل أو مانعت هنا يكون للجيش وفقاً للقرار 1701 أن يطالب الأمم المتحدة بالمساندة الميدانية والتدخل في مواجهة إسرائيل لإعادة المعلم إلى مكانه، ولا يكون من صلاحية الأمم المتحدة مطلقاً القيام منفردة بهذا العمل أو النيابة عن الجيش اللبناني وفي غيابه بالتنفيذ».