حبّ الحياة
  • فايز فارس

    إن مقاربة فنّ الإعلام وصناعة الإعلان تحملنا على الغوص في الأسس التي قامت عليها علوم الدين والتربية والسياسة والإدارة والتجارة والعلاقات العامة وكيفية تطور هذه العلوم منذ القدم حتى يومنا هذا. سأكتفي في هذه الزاوية المتواضعة بتناول العبارة التي أطلقتها جهة سياسية معينة والتي ركزت على حب الحياة، مع العلم بأن حب الحياة هو إحساس بديهي وحاجة أساسية حتى يكون للحياة معنى وغاية. فالحياة في نظر الغربيين تبدأ عند ولادة الإنسان وتنتهي بموته، أي عندما يتوقف جسده كلياً عن الحركة. بينما الشرقيون، أيّاً كانت درجة إيمانهم بالخالق، فيعتقدون أن الحياة هي ملكية خالقها الذي يمنحها ثم يستردها. أي أنها وُجدت لتبقى إلى أبد الآبدين. وما ولادة الإنسان وموته جسدياً سوى محطتين أعطي لنا أن نتلمسهما وندركهما. هنا نجد أنفسنا أمام قيمة إنسانية اجتماعية أخلاقية ثابتة، مقارنة بتلك القيم القابلة للتغيير والتعديل أو التأويل والنقد بسبب ارتباطها بحاجات استهلاكية تجارية هي من صنع الإنسان ذاته. «أنا حب الحياة» ليس لها علاقة بعبارات عاطفية تجارية مثل أحب باريس أو أحب نيويورك، مطبوعة على قبعات وقمصان يشتريها السائح عند زيارته لتلك البلدان للتباهي بأنه زارها، بينما جاره اشتراها من أسواق برج حمود ولبسها كردّة فعل بلهاء. إنه الوقوع السهل في فخ التقليد السطحي لما هو معتمد في بلاد الغرب.
    إذاً «نحب الحياة» هي قيمة إنسانية ثابتة تستعمل عادة في حملات التوعية الشعبية في بلدان أوروبا وأميركا بهدف لفت نظر الرأي العام إلى أوضاع صعبة وإعاقات تعاني منها فئات اجتماعية محددة، وبالتالي الطلب من الناس العاديين الأصحّاء، وهم الأغلبية الساحقة، أن يقدموا لهؤلاء المحتاجين الضعفاء ما استطاعوا من اهتمام إنساني ودعم معنوي ومساعدة مادية. هي حملات توعية شاملة ومستدامة أصبحت تقليداً سنوياً عندما لا يكون موسمياً. أما في لبنان، فالأمر مختلف حيث تتنازع اللبنانيين السجالات والخصومات السياسية الضيقة على حساب القضايا المصيرية، وهذا ما جعل حملة «نحب الحياة» تأتي باردة باهتة سطحية ومنقوصة عند البعض، واستفزازية محرّضة عند البعض الآخر.. لو لم تأت الجهة السياسية المعارضة لتسمو بهذه العبارة وتعطيها مداها الواسع وآفاقها الرحبة عندما أضافت إليها، كلمات كانت تنقصها أو تحتاج إليها لتصبح رسالة ذات مدلولات وغايات اجتماعية وطنية جامعة لكل فئات الشعب اللبناني دون استثناء أحد ما.



    لماذا الفتنة بين المسلمين؟

  • مصطفى عبد القادر

    الفتنة أشدّ من القتل يا أخي، وأيّامنا التي نعيشها هي من أصعب الأيام التي تمرّ على لبنان والأمة العربية والإسلامية نظراً للتحديات التي نواجهها.
    يجب أن نسلّط الأضواء على إسرائيل وما تفعله في فلسطين ولبنان، ولا ننسى من يساندها في أميركا والدول الأخرى في العالم، وعلينا أن نعلم بأن الصهاينة ومن يعاونهم هم العدو الرئيسي. ليس غربياً أن تتأثر أنت وغيرك من الشباب العربي والمسلم بما يحدث في العراق من اقتتال بين الإخوة في الدين الواحد. لقد أعلن جورج بوش بعد 11 أيلول 2001 أنه سيجعل الإرهابيين يتقاتلون مع بعضهم بعضاً، وكان يقصد بأنه سيجعل المسلمين يتقاتلون مع بعضهم بعضاً، وللأسف هذا ما حدث ويحدث، لا في العراق فقط، لكن كذلك في فلسطين ولبنان. ويراد ذلك في كل الدول العربية لننسى إسرائيل واغتصابها لفلسطين واحتلال العراق ومشاكل دارفور وكل البقاع العربية والإسلامية التي تعاني أزمات.
    اليوم، من يساهم في تغذية مشاعر العداوة بين السنّة والشيعة يخدم إسرائيل وأميركا بالدرجة الأولى، بغضّ النظر عمّا إذا كان سنّياً أو شيعياً.
    إن الخلاف التاريخي بين السنّة والشيعة سياسي بالدرجة الأولى ولا يتذكّره إلا بعض الغلاة من الطرفين، وهناك اختلاف في بعض الأمور الدينية، وهذا ليس منكراً في الإسلام ولا يجب أن يؤدي ذلك لأن ننسى عدونا إسرائيل وبعض الأميركان المتصهينين وأن نعتبر الشيعة أكثر خطراً على السنّة من إسرائيل أو أن يعتبر الشيعة أن السنّة متصهينون.
    إننا مطالبون اليوم كمسلمين بأن نفتش عن روح التآخي بيننا، لا عن بذور التباعد، لأننا سنسأل عن ذلك يوم الحساب ولنعلم بأن المسلم أخ المسلم، والشيعي أخ السني وحرّم الله بينهم العرض والدم والمال. لذلك لا يجب أن يكون اتهامنا عاماً للناس أجمعين.