جورج شاهين
بات في حكم المؤكد أن الذكرى الثانية لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ستمرّ بسلام، وسيلتقي عشرات الآلاف من اللبنانيين في ما بقي من ساحة الشهداء، نزولاً الى البيت المركزي لحزب الكتائب، وصولاً الى الجزء البحري من وسط بيروت وباحات البيال والمرفأ ونزلة السان جورج، بعدما حجزت المعارضة ساحة رياض الصلح والجزء العلوي من ساحة الشهداء، منذ الأول من كانون الأول من العام الماضي.
إلا أن إمرار المناسبة بسلام لا يعني أن هناك اتجاهاً ثابتاً إلى التهدئة، فما أنجزته الاتصالات للمناسبة لا يتعلق بما سيكون عليه الوضع في 15 شباط، إذ إن الأجواء لا توحي بأن الاتصالات الجارية على أكثر من مستوى قد تأتي بالحل المنشود في المدى المنظور، والظروف الدولية التي تتحكم بمفاتيح الحلول السياسية ما زالت بعيدة عن المراحل التي توحي بالحل النهائي، أو حتى إلى ما يشكل خريطة طريق إليها.
وتعترف أطراف تشارك بعيداً عن الأضواء في حركة الاتصالات الجارية بحثاً عن مخارج مقبولة من المأزق القائم، بأن هناك خصوصيات تميز الوضع اللبناني عن غيره من أزمات المنطقة، ولا سيما ما يتصل منها بعوامل الأزمة الفلسطينية، التي انتهت بما انتهت إليه في «مؤتمر مكة» قبل أيام.
وتضيف ان ما آلت إليه نتائج مشاريع التهدئة حتى اليوم تشبه في تذبذبها مؤشرات البورصة اليومية، إذ ما إن يعتقد أصحاب المساعي الخيّرة بأنهم وصلوا إلى مكان متقدم حتى يشعروا بالعودة إلى النقطة الصفر. وعلى هذا الأساس يقول قادة هذه الحركة والمطّلعون على كثير من المشاريع المطروحة للبحث إن كلمة السر لم تصل بعد الى الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الذي وصل الى دمشق، باحثاً عن كيفية حلحلة بعض «العقد» في «الحبل المنصوب» بين الرياض وطهران، وحيث العقدة المخفية في ما آلت إليه الاتصالات السورية ــ الأميركية عبر القنوات المتعددة التي اتخذت من بعض المؤتمرات والعواصم مواقع متنقلة لها حول ملفات عديدة، منها ما له علاقة وثيقة بالملفين العراقي والإيراني مباشرة والملف اللبناني بصورة غير مباشرة.
ولذلك، يقول هؤلاء إن نتائج زيارة موسى الى دمشق قد تقرّب زيارته إلى بيروت أو تبعده عنها لأيام، في انتظار نتائج الجولة التي يقوم بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يحمل في حقيبته الدبلوماسية، على ما تقول مصادر دبلوماسية عربية، مشاريع تتصل بالتعديلات المقترحة على نظام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، التي بدأت تتكوّن على هامش معالجة الطلب الروسي بتسمية مجلس الأمن الدولي للدول العشر التي لم تتعاون كلياً أو جزئياً مع القاضي سيرج براميرتس، وبنتيجة الزيارات التي قام بها كل من رئيس مجلس الأمن القومي السعودي الأمير بندر بن سلطان، وموسى والنائب سعد الحريري إلى موسكو، عدا عن المشاورات الروسية ــ الإيرانية المفتوحة على شتى الملفات الساخنة، من الملف النووي الإيراني الى القضية اللبنانية وغيرها من مشاكل المنطقة.
وإلى أن تتضح نتائج المساعي الجارية على أكثر من صعيد، فما على اللبنانيين سوى المزيد من الانتظار وإمرار المرحلة بأقل الخسائر الممكنة على كل الصعد الاقتصادية والمالية والسياسية، والاعتراف، ولو متأخرين، بعجز قادتهم عن إدارة الأزمات بمعزل عن الخارج، وفي ذلك قصور لم يتنبّه له اللبنانيون بعد، وهو إن حصل فسيخسر طرفا الصراع «الأكثريّتين» اللتين يدّعيانها لمصلحة «الأكثرية الثالثة» الحقيقية، التي لم تولد قيادتها بعد.