البقاع ــ عفيف دياب
رأى رئيس الكتلة الشعبية في زحلة والبقاع الأوسط النائب الياس سكاف أن «لا حل للوضع السياسي في لبنان في المدى المنظور»، وأن «السلطة الحاكمة تزوّر الحقائق وتخالف القوانين والدستور، وتعمد الى تشويه الأمور»، وأن قوى الأكثرية «مدعومة من الخارج لتنفيذ مشروع ما»

اتهم النائب الياس سكاف في حديث مع «الأخبار» قوى الأكثرية بأنها «نفذت انقلاباً» على المؤسسات، لافتاً إلى أن «الدولة تموت قدّامنا ولا أحد يهتم منهم». وقال: «السلطة تكذب كثيراً، وتتعمد تشويه الحقائق، وتستغل الإعلام للتعمية على الحقيقة، وقد حوّلت الأزعر الى آدمي، والآدمي الى أزعر، وها هي تعيدنا الى زمن الميليشيات، وللأسف، أقدموا على تأسيس ميليشيات شرعية تنفذ مشروعهم».
وأكد سكاف «إننا نطالب بالإصلاح السياسي بطرق ديموقراطية وسلمية، وهم يعتبرون عملنا ومطالبنا أعمالاً تخريبية، ويتهموننا بتلقي التعليمات من الخارج وبأننا سوريون وإيرانيون، ويجب تذكيرهم بأن السوريين حاربونا على مدى 28 سنة من أصل 30 سنة تولّوا فيها إدارة لبنان، وفي آخر أيامهم اعترفوا بوجودنا وقرروا الانفتاح على البطريرك الماروني، وعلى الياس سكاف ليس حباً به، بل اعترافاً بنا.
المثير للسخرية أننا نُتهم بأننا سوريون، فيما الذين استفادوا وأسسوا ميليشيات وعصابات بدعم سوري على مدى 28 سنة أصبحوا اليوم أتقياء، ويتمتعون بنزاهة وشفافية ووطنية».
هل تدفع ثمن مواقفك السياسية؟ يجيب نائب زحلة: «مواقفنا واضحة، وهي وطنية. لا نتلقى تعليمات من الخارج، والجميع يعرف أن لا علاقة تربطني بأي جهاز خارج لبنان، فيما هناك في السلطة اليوم من يفتخر بعلاقته مع الخارج على حساب لبنان، وللأسف لم نكد ننتهي من الانتداب السوري حتى جاءنا الانتداب الفرنسي ــ الأميركي (...) الذي يتورط في لبنان. نحن لا نفهم سياسة الغرب المزدوجة في المنطقة. يدعمون إسرائيل على حسابنا ويريدون منع إيران من امتلاك السلاح النووي، فيما إسرائيل تسرح وتمرح، ومسموح لها بكل شيء»!
السعودية «ماشية» مع فريق
ويرى سكاف أن سياسة الكيل بمكيالين تنعكس أيضاً على لبنان، و«أعتقد أن المطلوب فتنة، ليس في لبنان فقط، وإنما في كل المنطقة»، وهو لا يرى حلاً قريباً في الأفق. و«أتمنى أن أكون غلطان»، لكنه يشدد على أهمية «الحوار الجدي»، و«نحن قدمنا كل شيء من أجل الحوار، وعلى الطرف الآخر أن يقدم أيضاً ما يؤدي الى إنجاح الحوار الداخلي واحترام القوانين، وألا يبقوا فاتحين على حسابهم، حتى نصل إلى توافق يرضي الجميع ويكون لمصلحة لبنان، لا لفئة على حساب فئة أخرى»، آملاً بأن تكون المملكة العربية السعودية على «مسافة واحدة من الجميع»، و«إذا كانت تريد أن تلعب دوراً في لبنان والمنطقة فعليها أن تكون للكل وتنفتح على الجميع»، متهماً الرياض بأنها «ماشية مع فريق» في لبنان.
سكاف لم يوفر المعارضة من الانتقاد، فهو يعتبر «الكتلة الشعبية» «جزءاً أساسياً» من قوى المعارضة، «لكننا لا نحضر الاجتماعات الكبيرة التي تتخذ فيها القرارات، لأننا لا نؤيد كل شيء يصدر عنهم، وهم أساساً لا يضعوننا في أجواء القرارات الكبرى، ولذلك نمشي مع المعارضة في الأمور التي تناسبنا. لدينا تمايز عن بقية قوى المعارضة، ولا نوافق على كل الأمور، فالإضراب العام الذي دعت إليه المعارضة، مثلاً، وُضعنا في أجوائه وشاركنا في الدعوة إليه. لكن هناك قضايا أخرى لسنا مشاركين في اتخاذ القرار بشأنها».
لكنه أكد على استمرار تحالفه مع تكتل «الإصلاح والتغيير» الذي يتزعمه العماد ميشال عون، فـ«الجنرال رجل شفاف ووفيّ، وكان في استطاعته أن يتركنا ويشارك في الحكومة على حسابنا، لكنه رفض لأننا سنكون غير ممثّلين، وهذا يدل على مدى صدقية الجنرال عون ووفائه لحلفائه، ونحن في الكتلة نعتبره مرشحنا لرئاسة الجمهورية».
يؤكد سكاف أن قوى المعارضة النيابية تمثل أكثر من 60 في المئة من الشعب اللبناني، ويسأل: «ألا يكفي هذا التمثيل لسقوط الحكومة وتأليف حكومة توافقية ترضي كل الأطراف؟ نحن لا نريد إلغاء أحد، ولا نريد لأحد أن يلغينا. للأسف، لا ترى الأكثرية إلا نفسها، ومن خلال ممارستها تقول لنا: افعلوا ما تشاؤون، ونحن باقون ومدعومون من الخارج. وللأسف، هكذا سياسات وممارسات تدمر البلد، وهم لم يتعلموا من التجارب الماضية، أن التوافق في لبنان أساس كل شيء، لذا لا يجوز أن يستأثروا بكل السلطة ومقدراتها ويتجاهلوا البقية التي تمثل الأكثرية من الشعب اللبناني»، مؤكداً أن «وضع لبنان اليوم حساس جداً، وعلينا أن نصل الى وفاق تام وكامل حتى نجنب بلدنا الخراب والفتنة».
وأعلن أنه «على استعداد للتوقيع على أي اتفاق يجنب البلاد الفتنة والاقتتال الداخلي، حتى لو كان الاتفاق على حسابنا». ويقول: «إذا كانت المحادثات السعودية ــ الإيرانية تهدف الى تجنيب لبنان فتنة سنية ــ شيعية، فأنا من أول الموقعين على ذلك، لأنه عندما تقع الفتنة، ويحصل الاقتتال لا أحد سيكون رابحاً في لبنان، ونحن مستعدون لفعل أي شيء لتجنيب البلاد الفتنة أو الاقتتال المذهبي». أضاف: «نحن ننتظر نتائج الاتصالات السعودية ــ الإيرانية، لأن للبلدين مصلحة في منع الفتنة بين السنة والشيعة، ليس في لبنان فقط، ومن المهم أن تصلا الى نتائج إيجابية».
زحلة... وعراجي
الحوار مع النائب سكاف تطرّق بشكل مفصّل إلى أوضاع مدينة زحلة، واتّهامه بأنه «قسّم» المدينة، إضافة إلى ما تشهده منطقة البقاع الأوسط من توترات تأخذ أحياناً كثيرة «الطابع الطائفي والمذهبي». فيؤكد في معرض رده أن «زحلة اليوم مثل بقية المناطق اللبنانية»، وأن الكتلة الشعبية «لم تتعدّ على أحد، فنحن نحترم بعضنا بعضاً في زحلة والبقاع الأوسط، والعلاقات التاريخية المميزة بين الطوائف لا أحد يستطيع أن يقضي عليها، وخلال الإضراب العام لم نجبر أحداً على المشاركة، بل قدّمنا شرحاً عن أهداف التحرك، وأنه سياسي وليس مذهبياً أو طائفياً».
لكنكم متهمون بأنكم أقفلتم زحلة يوم الإضراب بالقوة وحرقتم الإطارات وقطعتم الطرق؟ يجيب سكاف: «نعم، قلنا: إما الإقفال وهذا يعني دعماً لنا، وإما العكس وهذا يعني دعماً للفريق الآخر، وقلنا إن الحياد أيضاً هو موقف. وقلنا لأنصارنا وأصدقائنا إن زحلة تستطيع أن تضحي بيوم واحد، وهي التزمت من أجل إنجاح الإضراب (...)، وفريق 14 آذار في زحلة لم يقصّر بل شارك وقطع أيضاً الطرقات». وتابع: «ليس صحيحاً أننا قسمنا زحلة. اللي معك معك، واللي ضدك ضدك، وزحلة لم تخذلنا يوماً. كانوا يقولون دوماً إن الياس سكاف لم يعد يستطيع أن يجمع زحلة حوله، أو أنني سأكون نائباً للمرة الأخيرة. يقولون ذلك منذ سنوات، وكانت زحلة دوماً وفيّة لنا، وإذا أرادوا فلتجر انتخابات ونرَ»، مؤكداً أن هنالك مساعي «نقوم بها لتوحيد المدينة، ولكن للأسف البعض يعرقل مساعينا. ونحن كنا سابقاً قد تجاوبنا مع طروحات المطران أندره حداد، وألغينا المهرجان الذي كنا سنقيمه في زحلة»، متهماً أحد المطارنة الذي رفض تسميته بأنه طرف في المدينة و«كان له تأثير. واليوم الأجواء هادئة وليست كما يصوّرونها».
وعن أسباب تمنّع النائب سليم عراجي عن حضور اجتماعات تكتل الإصلاح والتغيير، أوضح سكاف أن «وضع النائب عراجي حساس جداً، وعائلته قوية وكبيرة. لكنه خائف من فتنة داخلية في المنطقة، ولا يريد المشاكل. ونحن نتفهم الموضوع، وهي غيمة سوداء وتمر، وهو لا يزال يشارك في اجتماعات الكتلة الشعبية».
وعن علاقته بتيار «المستقبل» في البقاع، قال سكاف: «لا علاقة اليوم بيننا. لكن هناك بعض قنوات الاتصال مع شخصيات في البقاع الأوسط تربطنا بهم علاقة تاريخية، ونحن نحافظ على علاقاتنا وصداقاتنا في المنطقة، ولا نتأثر بأفكار سياسية تسيء الى هذه العلاقة، ويجب أن نتمتع بالوعي. فمحيط زحلة متنوّع ونحن جزء منه، ومن واجبنا الحفاظ عليه وحمايته وإبعاده عن المشاكل، ونتفهّم مواقف البعض».