strong>نادر صبّاغ
منذ ذلك الحوار الذي دار بين الممثل الاميركي توم لي جونز وأحد أفراد مكتب التحقيقات الفيدرالية «أف. بي. آي» في فيلم «فيوجيتيف 2» حول أهمية مسدس «غلوك» وفاعليته، ومحمد (30 عاماً) في صيدا يحلم باقتناء ذلك المسدس.
«إنه آخر صيحة في عالم المسدسات في لبنان»، يقول أحد تجار الاسلحة، «الطلب عليه كبير وأغلب الشباب يسألون عنه وعن إكسسواراته، في لبنان كل شيء يتبع الموضة حتى في قضايا السلاح، راحت أيام الـ14 (نوع من المسدسات كان رائجاً في السابق)، إنها أيام الغلوك».
محلياً، اسمه الحركي «العراقي»، رغم أنه نمساوي المنشأ، أميركي التوزيع. السبب في التسمية يعود إلى أن العراق بات بعد احتلاله من القوات الاميركية المصدر الأول والاساس لهذا النوع من المسدسات التي تُهرَّب منه إلى سائر دول المنطقة.
يروي أحد تجار الأسلحة قصصاً عن هذا المسدس تشبه الأفلام السينمائية. ويشير إلى أن عدداً كبيراً من العراقيين ينضمون إلى قوات الشرطة التي تسلحها الولايات المتحدة الاميركية للحصول على المسدس فقط، ثم يبيعونه في السوق السوداء غير عابئين بالعقوبة القانونية التي سيتعرضون لها جراء فعلتهم، والتي لا تزيد في أسوأ الاحوال على شهري سجن، «لكن المبلغ المرتجى من مثل هذه الصفقة يستأهل المخاطرة».
حيّرت هذه «الظاهرة» المسؤولين الاميركيين. وفي هذا السياق، أظهر تقرير صادر عن مؤسسة «بروكينغز» وهي مؤسسة أبحاث أميركية، أن تدفق الأسلحة من القوات العراقية الى السوق السوداء ومنها الى أيدي المسلحين، ترك القادة الأميركيين في مواجهة معضلة، وكان عليهم الاختيار بين تزويد قوات الأمن العراقية الأسلحة الملائمة والمجازفة باختفاء هذه الأسلحة، أو تزويدها بمعدّات أقل جودة «تحرمهم ما يلزم لتحقيق النجاح في مهماتهم».
يشيع استخدام مسدس «غلوك» (9ملليمترات) والذي تبلغ سعته 15 طلقة، بين قوات الشرطة والجيش في مختلف أنحاء العالم، لا سيما في الولايات المتحدة الاميركية، لسهولة استخدامه وجودة ميزاته، وقد أصبح اليوم من الأسلحة المعتمدة بالنسبة لقوات الأمن العراقية.
وكان تقرير لوكالة رويترز للأنباء قد ذكر أخيراً أن «جنود الشرطة والجيش العراقيين يصادرون الأسلحة في مداهمات روتينية ثم يبيعونها لتجار السلاح». وقال أحد تجار الاسلحة العراقيين للوكالة «بعض رجال الشرطة يأتونني ويعرضون بيع مسدساتهم من طراز غلوك بزعم أنهم يواجهون مشاكل مادية ويحتاجون إلى المال، لكن زبائني يتجنبون شراءها حيث قد تسبب لهم مشاكل كبيرة اذا عثر عليها الجنود الاميركيون او العراقيون معهم»، لذلك يجري تصديرها إلى الخارج.
يصل سعر مسدس غلوك مع السترة الواقية التي يحصل عليها المنتسب لقوات الامن العراقية إلى نحو 1400$ في أرضه، أما في لبنان فيراوح سعر المسدس وحده حالياً ما بين 1800 و2000$.
لم يعد خافياً أن سوق الاسلحة في لبنان، ومع تزايد التوتر السياسي في البلد، تشهد رواجاً لم يسبق له مثيل منذ سنوات، بحيث ينصبّ الطلب على مختلف أنواع الاسلحة الفردية، ولا سيما المسدسات، و«غلوك» على وجه التحديد.
وفي هذا الاطار، ذكرت صحيفة «الغارديان» البريطانية الاسبوع الماضي أن «مبيعات الأسلحة في لبنان تضاعفت ثلاث مرات منذ تفجر المواجهة بين المعارضة والموالاة».
يتندر تاجر الاسلحة بخبرية عن شاب جامعي قصده منذ أيام لشراء مسدس «غلوك»، وحين عرضه عليه سأله عن قطعة ملحقة به تحوله رشاشاً صغيراً. ولما أخبره أنها غير موجودة لديه حالياً، طلب منه توفيرها له بأسرع وقت ممكن مهما بلغ ثمنها لأن «الوضع، إذا ما تدهور، قد يستدعي وجود كثافة نيران».