بسام القنطار
في "مجمع سيد الشهداء" في الرويس كان الموعد مع سيد المقاومة في الذكرى السنوية الخامسة عشرة لاستشهاد الأمين العام السابق للحزب السيد عباس الموسوي، وهي واحدة من «الإنجازات الفريدة» للعدو الإسرائيلي ضد المقاومة. انه التاريخ المستحضر في مسيرة حزب قدم قادته وأبناء قادته وخيرة شبابه في مسيرة كان فيها الموت المعبر الإجباري إلى الحياة، بمعزل عن الجدل الدعائي الرخيص الدائر هذه الأيام حول «ثقافة الحياة» مقابل «ثقافة الموت».
تختلط عليك بين حين وآخر أصوات مكيفات الهواء في القاعة الشاهقة العلو التي أعيد بناؤها بسرعة قياسية بعدما سوتها الطائرات الإسرائيلية بالأرض خلال عدوان تموز. تحاول أن تنصت جيداً لتميز الصوت. هل هو هدير طائرات حربية إسرائيلية؟ لم لا؟ فقادة إسرائيل يجاهرون بخططهم لاغتيال الرجل الذي بات قتله «ثأراً إسرائيلياً مؤجلاً» على حد تعبير احد كبار الضباط الاسرائيليين.
دقائق ويطل السيد، يمشي ببطء إلى لحظة أن تقع عيناه على رجل يعتمر الكوفية البقاعية البيضاء. يسرع الخطى ليصل، يعانقه بحرارة، يغمره إلى صدره، يقبل وجنتيه وجبينه، يرد عليها الرجل الثمانيني بالمثل، انه السيد علي الموسوي (أبو حسين) والد الشهيد السيد عباس الموسوي، رجل تقرأ في وجهه حكاية النبي شيت بتفاصيلها، حكاية القرية المشرفة على «السهل الممتنع» خزان المقاومين والشهداء والأسرى.
يستعد السيد لإلقاء الخطاب، ينزع عن كتفه شال الصوف، يلتقطه دانيال سريعاً، فيما العيون شاخصة إلى المنصة، والهتاف لا يهدأ: «أبو هادي» مع تصفيق حادّ قلما تشهده احتفالات «حزب الله». «إنها انعكاسات مخيم المعارضة وتنوعه»، يعلق احد الحضور.
كان السيد هادئاً بالأمس، كعادته، وقريباً إلى قلب من حالفه ومن خالفه، كعادته أيضا. لكن من رأى تعابير وجهه لحظة كان يقول: «إن حزب الله قادر على إن يكون حاضرا في كل الساحات دفعة واحدة»، يدرك جيداً ما معنى أن يختم كلمته بتكرار شعاره الشهير «كما وعدتكم بالنصر دائماً أعدكم بالنصر مجدداً».