إلى أصحاب القلوب النيّرة
  • روز زياده

    من هو الشعب بالنسبة إلى كثيرين ممن يمتهنون السياسة؟ ولماذا يبادر هذا الشعب النكرة الى الكتابة والتعبير عما يراه، وعما يرصده عن بعد من أدائهم، وعما يصاحبه من تجاوزاتهم حتى في تعابيرهم التي لا تتعدى منطق الاستهلاك؟
    مرة من المرات طرح سؤال على متنفّذ في ظروف غير طبيعية مر فيها لبنان. السؤال: كيف تسمح (لمجموعة ممن يأتمرون بأوامره) بالقيام بالتجاوزات التي قاموا بها، ربما كان للشعب ردة فعل عارمة من الغضب؟
    أجاب المتنفذ: الشعب! من هو الشعب؟ وكيف يعد على الرأس أم بالكيلو؟
    بناء على نظرتكم الى الشعب أقول لكل من غزرت مخيلته في ساحة الشهداء لمناسبة الذكرى الثانية لاغتيال ابن لبنان الشيخ رفيق الحريري «أنا شعب حي لي كامل الحقوق، وأتمم كل واجباتي نحو وطني لبنان، والمزايدة التي قمتم بها يا سادة يا كرام لا تكسبكم صدقية ووطنية ونظرة ثاقبة أكثر مني لكوني من الشعب الذي لا تحترمونه، والذي تلهــــــــــــثون وراء كل فرد منه في مواسم الانتخابات».
    أنا ابنة لبنان، وأنتم أبناؤه. أنتم تتصرفون بفوقية، وأنا أكتب لأشير لكم إلى الفوقية التي تعاملوننا بها لتستدركوا تصرفاتكم. أي إني أسدي لكم معروفاً بالمجان لتصلحوا حالكم اعتباراً مني بأن «كل مواطن خفير».
    ولو أنكم فعلاً سياسيون لكنتم أخذتم رسائلنا بجدية، ولكن يا أبناء بلدي ما زال أمامكم الكثير من الدرس والتمرس لتفهموا قيمة ما نقوم به. وهذا الإسداء للمعروف ليس محبة لشخصكم بل تدارك للانزلاقات التي تورّطوننا فيها.
    يا أيها الممتهنون السياسة، والنيابة، والوزارة في بلدي، أقول لكم أن ننتقد أداءكم، أن نشتم عدم بعد نظركم، أن نطلب من الله أن ينزل بكم المصائب لكثرة تقديمكم مصالحكم على عيش الفقير فلا يعني أننا أعداؤكم. أربعة ملايين إنسان لبناني. الفقير والمهمش، والمستكرد، والمهضومة حقوقه سيدّعي عليكم، وسيكره الذي وضعكم في منصبكم لأنكم غير أهل له. ولكن لم ولن يكنّوا لكم البغضاء، ولن يناصبوكم العداء.
    كثيرة هي المرات التي كتبت فيها لمسؤولين وسمّيتهم بأسمائهم. كثيرة هي المرات التي قلت لكم فيها بأنه في لبنان لا يوجد سياسيون. يوجد أصحاب مصالح. حتى الذي يعتبر ان الشعب نكرة لا أعتبره عدوي. أعتبره انتهازياً، أعتبره فاقد الأخلاق. ولكن كل ذلك لا يوصلني للتشفّي به اذا ما وقع في أزمة ما. فهو بعـــــــــد كل العاهات «ابن بلدي».
    كتبنا تذكاراًَ للشيخ رفيق، نعم، ليس لأنه قديس... لا، لكن هناك محطات وطنية لا يمكن أي إنسان أن ينكرها عليه. وليس لأننا كنا نعيش البحبوحة المطلقة في عهده، لكن كان يحكم البلد ولم يتركها تتهالك شبيه ما نحن عليه اليوم.
    إذاً رويداً يا من كنا قد وضعنا ثقتنا بكم... رويداً واقرأوا ما نكتبه وأفيدوا منه لأن الأربع سنوات ستقترب من النهاية. في لغتنا العامية هناك كلمة «عيب». كل ما تقومون به من استفزازات وكأنكم في متاريس متقابلة، وأصابعكم جاهزة لتضغط على الزناد. أعمالكم هذه لا يمكنها ان تكون بين أبناء بلد واحد. عودوا الى ضمائركم وانظروا بحـــــــــــكمة الى المزايدة بالوطنية التي تمارسونها على الشعب.
    وليكن معلوماً لديكم بأنه لولا هذا الشعب لما كنتم حيث أنتم. آمل ان يكون شرحي وافياً.
    وأعدكم بأن يستعمل هذا الشعب الحق الذي أعطاه إياه القانون وهو يوم كل أربع سنوات لمحاسبتكم. أطلب من الله أن ينير عقله ويدقق جيداً في الحساب.
    وللذي كان يتكلم غاضباً على الذين أحبوا التعبير عن الذكرى بالكتابة أقول: «لا بأس لأن الذي أوصلك حيث أنت استودعك محبته».