الكورة ــ فريد بو فرنسيس
بين المسؤولين في البلديات وواجبات المواطن حلقة مفرغة، في حال عدم ضبطها، قد تؤدي إلى ما يشبه الفلتان البيئي المؤذي للصحة وللبيئة معاً. تتمثل هذه الحلقة بعدم تقيد المواطن بإرشادات البلدية من جهة، وعدم ضبط الدوائر المختصة في البلدية للأمور البيئية بشكل صحي وسليم لا يضر البيئة ولا يشوه المنظر.
ففي وقت تعتمد فيه البلديات الكبرى في الكورة مستوعبات ضخمة للنفايات تضعها في أماكن عامة قريبة من المنازل والمحال التجارية، تلجأ البلديات الأخرى إلى استعمال البراميل الحديدية، أو البلاستيكية لهذه الغاية، الأمر الذي ينتج منه مشاكل بيئية كبيرة، إضافة إلى الروائح الكريهة التي تنبعث منها، بسبب عدم تنظيف البراميل من سوائل النفايات التي تترسب في داخله مع الوقت.
وما يزيد من حدة المشكلة، مشهد الكلاب والقطط التي تقصد هذه البراميل يومياً وبكثرة، وخاصة في ساعات الصباح الباكر ومع شروق الشمس، للبحث عن شيء تقتات به، فتعبث بالنفايات وتمزق الأكياس وترميها خارج البراميل، هذا إذا لم تكن أصلاً مرمية من الأشخاص. وعندما يأتي عمال البلدية من أجل جمع النفايات، يتركون عادة وراءهم الأكياس الممزقة مرمية في محيط البراميل، لتشكل بعد فترة مكباً صغيراً للنفايات في محيط المنازل، وعلى الطرقات العامة. ويلجأ المواطن بعدها إلى حل سريع يظن أنه مفيد، فيرمي بكمية من الوقود فوق هذه النفايات بعد أن يجمعها داخل البرميل ويضرم فيها النار، ما يؤدي إلى دخان كثيف وروائح مزعجة وكريهة.
وتبقى المشكلة الكبرى في هذه القضية عند المواطن الذي لا يتقيد أبداً بالشروط البيئية، لجهة استعمال الأكياس المعدة خصيصاً للنفايات المنزلية، فتراه يلجأ في معظم الأحيان إلى وضع نفايات منزله في أكياس من النايلون الرقيق والشفاف، التي تتمزق عادة قبل أن يصل بها إلى برميل النفايات، فكيف إذا عبثت به الكلاب والقطط. وينتج من ذلك تكاثر الحشرات والقوارض، وهي جميعها ناقلة للأمراض، إضافة إلى انتشار الروائح الكريهة الناتجة من التخمر والتعفن أو الاحتراق وخاصة المواد العضوية وما يسبب تلوث الهواء وخصوصاً عند حرق النفايات.
كل ذلك يطرح تساؤلات عدة، عن مسؤولية المواطن ومهام المجالس البلدية، ولا سيما اللجان الصحية فيها تجاه المواطنين عبر إرشادهم وتوعيتهم على مسؤولياتهم، وتحرير محاضر الضبط بحقهم بغية ثنيهم عن تكرار هذه الإعمال، إضافة إلى مصالح المكافحة وتفعيلها في البلديات.
رئيس اتحاد بلديات الكورة قبلان العويط قال لـ«الأخبار» إن المشكلة الأولى في هذه القضية تكمن في الإمكانات المادية الضعيفة للبلديات، وخاصة في البلدات الصغيرة منها، والتي لا تتم عادة فيها الجباية بشكل كبير، نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة عند المواطنين، إضافة إلى ضآلة المبالغ المالية، التي تحصل عليها من الصندوق البلدي المستقل، فتلجأ هذه البلديات، إلى وضع براميل خاصة للنفايات لأنها لا تكلف البلدية الكثير من المال، لكنها في نظرها تلبي الحاجة المطلوبة، إذا ما ضبطت بشكل لائق. ولفت العويط إلى أن هذه المشكلة موجودة في معظم قرى وبلدات لبنان، وأن حلها يتطلب دراسة على مستوى كل البلديات ومع السلطات والمراجع المختصة. وحذر العويط «من خطورة إحراق النفايات داخل البراميل، لما له من تاثير سلبي ومباشر على صحة الناس والبيئة»، مشيراً إلى أن «اتحاد بلديات الكورة لا يلجأ أبداً، حتى في المكبات الرئيسية له، إلى حرق النفايات، بل يعمل على طمرها بالأتربة، وهو بالتالي، يرشد المواطنين دائماً، ويمنعهم بشكل مستمر، من حرق نفاياتهم داخل البراميل أو في محيطها».