أول من أمس، الساعة الرابعة وست وعشرون دقيقة من بعد الظهر، دخل إلى أحد المحال المعدة لبيع المواد الغذائية والمشروبات الروحية في منطقة الحمرا، أحد الأشخاص يحمل في جيبه كيساً فارغاً. توجه مباشرة إلى الجزء المخصص للمشروبات الروحية. فتح كيسه وبدأ يضع فيه زجاجات ويسكي من النوع الفاخر. خرج هذا الشخص، حاملاً الكيس ومحتوياتهوغادر المحل من دون أن ينتبه له أحد من الموظفين الأربعة إذ إنهم استبعدوا أن يقوم أحد بالسرقة من المحلّ بعد أن قام صاحب المحل بتركيب نظام متطوّر للمراقبة يتضمّن ثماني كاميرات ظاهرة. يمكن لكل من يدخل المحلّ التنبّه لوجود كاميرات المراقبة، كما إن الشاشة التي تبثّ من خلالها الصور الملتقطة عبر الكاميرات موضوعة في الممرّ الرئيسي للمحلّ. لكن ذلك لم يردع السارق أو يخيفه، ولا يبدو أنه قام بتمويه هويته أو الاختباء، بل قام بالسرقة ببرودة أعصاب. ولا يمكن اعتبار هذا السارق محترفاً لأن قيمة المسروقات بسيطة.
قد تتكرر السرقات المشابهة بشكل يومي، لكن ما يميز هذه السرقة بالذات، أنها وقعت داخل «المربع الأمني» المحيط بمنزل رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، الذي ينتشر فيه عدد كبير من عناصر سرية الحرس الحكومي، معززة بعناصر إضافية من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، بالإضافة إلى دوريات دائمة في المنطقة من فوج الطوارئ وفرع المعلومات.
وقد سجلت الكاميرات الداخلية، التي كلّفت صاحب المحلّ مبلغاً كبيراً من المال، تفاصيل السرقة لحظة بلحظة. وقد قدّر صاحب المحل قيمة المسروقات بنحو 500 دولار أميركي. كما إنه أبلغ عن السرقة قوى الأمن الداخلي في مخفر حبيش، حيث أخذت إفادته مرفقة بصور كان قد طبعها عن الشريط المسجل لديه بكاميرات المراقبة. كما إنه سيقوم بنسخ الشريط ليسلمه للقوى الأمنية بعد أن يقوم بتنقيتها. لكن «الأخبار» علمت أن تقنيات تحليل الصور والأشرطة غير متوافرة لدى المباحث العلمية في قوى الأمن الداخلي، وأن المديرية تلجأ إلى شركات خاصة أو اختصاصيين من خارج إدارات الدولة لمحاولة تنقية الصور وتبيان تقاسيم وجه المشتبه فيه قدر الإمكان وتحركاته وتفاصيل أخرى عن ملابسه وأداة الجريمة إذا ما وجدت. ومن الممكن استخدام برامج كمبيوتر متطوّرة للتحقيق في حالات مشابهة مثل VISIcais أو IntelliVid لكن هذه البرامج غير متوافرة في قوى الأمن.
تطرح هذه الحادثة أسئلة عن فعالية كاميرات المراقبة التي قرر مجلس الوزراء تركيبها في الشوارع العامة في ظل غياب أجهزة تحليل الصور لدى القوى الأمنية، ومع ازدياد اعتماد أصحاب المصالح التجارية والمصرفية على قوّة ردع الكاميرا الظاهرة التي أثبتت هذه السرقة فشلها بالكامل.
(الأخبار)