إبراهيم عوض
وضع الرئيس الدكتور سليم الحص حداً للأخبار التي جرى تداولها عن وجود اقتراحات بتكليفه تأليف حكومة الوحدة الوطنية او حكومة انتقالية، إذ أكد لـ«الأخبار» «أن هذا الأمر غير صحيح وغير وارد عنده. ولقد سبق له أن أعلن مراراً اعتزاله العمل السياسي»، لافتاً في الوقت نفسه الى «وجود قوى خارجية تسيطر على لبنان تعرف مواقفه منها ولا تحبّذ مثل هذه الافكار والمقترحات وستعارضها بالتاكيد».
وكان الحص قد زار دمشق امس تلبية لدعوة تلقاها من الرئيس بشار الأسد الذي استقبله قبل الظهر على مدى ساعة ونصف الساعة وكان اللقاء «مناسبة للتشاور في كل القضايا التي تهم البلدين الشقيقين في ظل الاخطار الجسيمة التي تتهدد المنطقة في فلسطين والعراق»، وفق ما أفاد بيان مقتضب صادر عن المكتب الاعلامي للحص الذي ذكر «ايضاً أن البحث تناول الواقع السياسي المأزوم في لبنان وسبل معالجته، اضافة الى العلاقات بين وسوريا ولبنان»، واصفاً اجواء اللقاء بـ«الايجابية».
أما الوكالة العربية السورية للانباء (سانا) التي لم تكن اكثر «كرماً» من معلومات بيان المكتب الاعلامي للحص فقد ركزت في خبرها على «ان الرئيس الأسد عرض مع الحص بالاضافة الى تطورات الاوضاع الاقليمية والدولية وخصوصاً على الساحة اللبنانية، اهمية تعزيز الوحدة الوطنية على اساس انتماء لبنان العربي».
وتكتسب زيارة الحص الى دمشق اهمية خاصة، اذ تأتي بعد ساعات على عودته من زيارة خاطفة الى الرياض بدعوة ايضاً من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي استقبله بحضور عدد من كبار المسؤولين السعوديين، وإن كانت اوساط سياسية متابعة لا تربط بين الزيارتين موضحة أنه جرى الاعلان عن الاولى قبل اسبوع وكذلك عن زيارة مرتقبة للحص الى طهران الاسبوع المقبل. فيما لفت الاخير الى ان زيارته الى العاصمة السورية كانت ستتم قبل توجهه الى الرياض بأيام الا انها ارجئت الى أمس.
وقال الحص «ان القيادتين السعودية والسورية استمعتا الى وجهة نظره المتعلقة بالازمة الراهنة وكيفية الخروج منها، متوقفاً بصورة خاصة عند الوضع الحكومي الذي يعتبره غير صحي»، مشيراً الى انه «بعيداً عن التفسيرات والتأويلات حول عدم دستوريتها او شرعيتها والجدال الدائر بهذا الشأن بعد ان اصبح التفسير القانوني وجهة نظر، تبقى المشكلة قائمة ومتجسدة في وضعية هذه الحكومة التي ينبغي العمل على اصلاحها». كما استغرب الحص بشدة الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء اليوم «وكأنه لا مشكلة في البلد ولا في الحكومة».
ويرى الحص «ان الطريق الاسلم لمعالجة الامور المشكو منها هو جلوس الجميع معاً للتفاهم والاتفاق على الحلول»، لافتاً الى «ان طرح تأليف حكومة من 11 وزيراً للمعارضة وتسعة عشر وزيراً للاكثرية ما هو الا تفاصيل، وإذا لم يتم الاتفاق على هذه الصيغة أو غيرها فلا يعني ذلك نهاية الحلول وإطلاق العنان لتبادل الاتهامات والمواقف النارية».
ونوّه الرئيس الحص بما قاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير لجهة تشجيعه وترحيبه باللقاءات الثنائية، متمنياً العمل بها «لأنها قد تؤدي إلى اختراق للواقع المعيش حيث تتوسع حلقتها وتمهّد لجمع الفرقاء وإعادتهم إلى طاولة الحوار الوطني».
وتوقف الحص عند ما سمعه من الرئيس الأسد خلال الحديث عن المحكمة الدولية، إذ أكد له أن سوريا ليست ضد المحكمة وهي تؤيّد كل ما يتفق عليه اللبنانيون، وقال إن «لدى بعض الأطراف اللبنانية ملاحظات عليها لا بد من الأخذ بها ومناقشتها والتفاهم حولها».
ويشار في هذا الإطار إلى أنه سبق للرئيس الحص أن كلّف فريقاً من القانونيين لدراسة مشروع المحكمة وإفادته بملاحظاتهم عليها، كما تلقّى دراسة مسهبة بهذا الشأن من الوزير الأردني السابق وعميد كلية الحقوق السابق الدكتور محمد حمور. وذكرت معلومات أن الرئيس الحص سلّم العاهل السعودي مذكرة خاصة تتعلق بالمحكمة الدولية تتضمن أبرز النقاط المطلوب إعادة درسها، مشدداً على أن الاتفاق على المحكمة يسهّل تأليف مسألة حكومة وحدة وطنية.
وكان الحص قد ألقى قبل أيام كلمة في «مؤتمر الحفاظ على السلم الأهلي» الذي دعا إليه «منبر الوحدة الوطنية ــــــ القوة الثالثة» ذكر فيها أن «سر الاستعصاء في الوضع الحكومي في وجهه الخارجي الفاصل يختصر في تصميم الدولة العظمى أميركا على قهر إيران في لبنان، وتعتبر أن حزب الله هو إيران في لبنان». وتساءل: «كيف يمكن إيجاد حل للمأزق من دون حزب الله وهو يمثّل ما يمثّل من وجود وازن في المجتمع اللبناني؟!».
وفي حديث إلى «تلفزيون لبنان»، قال الحص إنه سيزور طهران قريباً جداً، وأعلن أنه «نقل إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز سؤالاً يطرحه اللبنانيون وهو هل بالإمكان رعاية اتفاق بين اللبنانيين على غرار اتفاق مكّة بين الفلسطينيين؟». ورداً على سؤال أشار الحص إلى أنه «يؤيّد بقوة المحكمة الدولية لكنه يسأل أيّ محكمة نريد، ومتى عالجنا ذلك يصبح الأمر سهلاً».
واستقبل الحص في منزله عصر أمس، السفير السعودي عبد العزيز خوجة الذي لم يشأ الإدلاء بأي تصريح.
ومن المقرر أن يزور الحص الرؤساء الثلاثة إميل لحود ونبيه بري وفؤاد السنيورة للتباحث معهم في الأوضاع الراهنة ووضعهم في أجواء اللقاءات التي أجراها في كل من الرياض ودمشق.