جورج شاهين
تحشد الموالاة والمعارضة ما في حوزتهما من أسلحة لتوظيفها في معركة عبثية، يدرك طرفاها، سلفاً، أنه لن يكون فيها غالب ومغلوب، وذلك بحسب ما تقتضي التركيبة السياسية في لبنان. وفي انتظار الخطوة التالية، ينصرف الطرفان الى حساب الربح والخسارة، فما يراه أهل الحكم انتصاراً يعتبره أهل المعارضة إيغالاً في تجميع الأخطاء الدستورية والقانونية والسياسية.
وتندرج ضمن هذه الحسابات القرارات التي نجحت الحكومة في اتخاذها، وتلك التي تمكنت المعارضة من تعطيلها، اقتصادياً وسياسياً ودبلوماسياً وإدارياً.
وفي هذا الإطار يمكن للحكومة أن تتباهى بنجاحاتها الدبلوماسية واحتكارها التأييد الغربي والعربي، كما يمكنها التباهي بانعقاد «باريس ــ 3»، مؤقتاً لأنها لا تستطيع أن تقول «فول حتى يصير بالمكيول»، وهي تدرك أن قرارات المؤتمر لن ترى النور، ما لم يتم التفاهم على كيفية ترجمتها وتحويلها وقائع ملموسة من خلال انتظام العمل في المؤسسات الدستورية لإقرارها في مراسيم وقوانين.
وفي إمكان الحكومة أن تدّعي انتصارات في تقليص الضغوط الهائلة التي فرضتها المعارضة في الشارع، وهي سجلت أولى خطوات التصدي الشعبي في الشارع في 14 شباط الجاري، لكنها لم تتمكن من فك الاعتصام المفتوح في ساحتي رياض الصلح والشهداء منذ الأول من كانون الأول الماضي، رغم الحملات الإعلامية التي تشنها بين وقت وآخر، والتي تتضمن إحصاءات بالخسائر التي ألحقها الاعتصام بوسط بيروت.
في المقابل، هناك سلسلة قرارات اتخذتها الحكومة ولم توفق في تنفيذها، كما كانت تشتهي، ناهيك عن قرارات عجزت عن بتّها وخصوصاً تلك المتعلقة بالتشكيلات والمناقلات الدبلوماسية التي أنجزت بالتفاهم بين الرئيسين إميل لحود وفؤاد السنيورة قبل جلسة 11/11/2006 التي فقدت فيها الحكومة شرعيتها الدستورية والميثاقية في نظر لحود وفريق الوزراء المستقيلين.
وعلمت «الأخبار» أن التشكيلات والمناقلات التي كانت في طريقها الى الصدور بالتقسيط جمّدت تماماً، رغم التفاهم الذي أنجزه وزير الخارجية المستقيل فوزي صلوخ بالمراسلة بين السرايا وقصر بعبدا، بعدما طلب رئيس الحكومة نشر المرسوم الخاص باعتماد بعض السفراء من خارج الملاك في الجريدة الرسمية من دون توقيع رئيس الجمهورية، وهذا ما دفع الأخير إلى رفض التوقيع على المراسيم الخاصة بتعيين السفراء الأربعة الذين شملهم المرسوم لانتدابهم لدى الدول المعنية. وتوضح مصادر دبلوماسية أن خطوة السنيورة دفعت بلحود وصلوخ الى التنصل من الاتفاق الذي سُوّيت بموجبه أوضاع السفراء والدبلوماسيين الذين شملتهم التشكيلات والمناقلات. وكانت النتيجة شللاً تاماً في وزارة الخارجية، فيما يمضي السفراء الذين عادوا الى الإدارة المركزية من الدول التي كانوا معتمدين فيها أوقاتهم في الوزارة من دون عمل، كما جمدت المناقلات الى الخارج، مع كل ما يتسبب به ذلك من بلبلة مادية وعائلية لدى بعضهم من دون أن يلوح في الأفق حل منظور.
يضاف الى ذلك، الشلل الذي أصاب عدداً من الوزارات والمؤسسات الرسمية التي فقدت «رؤوسها الإدارية» وباتت «تعمل» على مستوى المديرين العامين، إما تكليفاً أو إنابة، عدا عن شغور مواقع إدارية عدة وأخرى مرشحة لمثل هذا الفراغ في القريب العاجل، وصولاً الى ما أصاب مراسيم ترقيات العمداء في الجيش، التي جمدت في انتظار توقيع لحود.
وإلى أن تنتهي الأزمة بين الموالاة والمعارضة، تتوقع المراجع المعنية مزيداً من مظاهر الخلل في العلاقة بين المؤسسات.